المبتـــدأ
المبتـــدأ |
تعريف المبتدأ:
اسم مرفوع يبتدأ به الكلام، ويقع في أول الجملة غالبا، مجرد من العوامل اللفظية ، أو مسبوق بنفي، أو استفهام، مستغن بمرفوعه في إفادة المعنى ، وإتمام الجملة.
2 ـ مبتدأ ليس له خبر:
في الاسم الواقع بعد المبتدأ المعتمد على نفي ، أو استفهام ، والذي اكتفى بمرفوعه ثلاثة أوجه من الإعراب.
1 ـ إذا كان الوصف المشتق مفردا وتاليه مفردا.
نحو: أ مسافر الرجل ، وما محبوب الكسول.
وجاز أن يكون منه قوله تعالى : ( أحق هو ).
على اعتبار أن " حق " مصدر بمعنى اسم الفاعل ثابت ، فيكون حق مبتدأ ، وهو فاعل ، ويجوز أن يكون " حق " خبر مقدم ، وهو مبدأ مؤخر .
جاز فيه وجهان :
أ ـ أن يكون الوصف مبتدأ وما بعده فاعلا ، أو نائبا عن الفاعل سد مسد الخبر . ويكون الفاعل بعد اسم الفاعل ، ونائب الفاعل بعد اسم المفعول .
فمسافر مبتدأ ، والرجل فاعل سد مسد الخبر .
ومحبوب مبتدأ ، والكسول نائب فاعل سد مسد الخبر .
ب ـ كما يجوز أن يكون الوصف المشتق خبرا مقدما وتاليه مبتدأ مؤخرا .
فمسافر : خبر مقدم ، والرجل : مبتدأ مؤخر .
2 ـ إذا كان الوصف المشتق مفردا ، وتاليه مثنى ، أو جمعا ، وجب أن يكون الوصف مبتدأ ، وتاليه فاعلا ، أو نائبا عن الفاعل سد مسد الخبر .
نحو : ما مهمل الطالبان ، وما محبوب المقصرون .
مهمل : مبتدأ ، والطالبان : فاعل سد مسد الخبر .
ومحبوب : مبتدأ ، والمقصرون : نائب فاعل سد مسد الخبر .
3 ـ ومنه قول الشاعر بلا نسبة :
أ قاطن قوم سلمى أو نووا ضعنا أن يضعنوا فعجيب عيش من قطنا
الشاهد في البيت قوله " أ قاطن قوم " إذ اكتفى بالفاعل " قوم " عن الخبر ؛ لكون المبتدأ " قاطن " وصفا معتمدا على الاستفهام .
ومثلما رفعت الصفة المشتقة الواقعة مبتدأ ، والمعتمدة على استفهام أو نفي اسما ظاهرا كما في البيت السابق ، فإنها ترفع الضمير الظاهر أيضا .
4 ـ نحو قول الشاعر:
خليليّ ما وافٍ بعهدي أنتما إذا لم تكونا لي على من أقاطع
فإن رفعت الصفة الضمير المستتر فهي ليست من هذا الباب ، وإنما هي خبر عما قبلها . نحو : محمد لا مجتهد ولا مؤدب .
ففاعل كل من مجتهد ومؤدب ضمير مستتر تقديره : هو .
وإن اكتفت بمرفوعها الظاهر فهي خبر مقدم ، وما بعد المرفوع مبتدأ مؤخر .
نحو : ما مسافر والداه أحمد .
مسافر خبر مقدم ، ووالداه فاعل لمسافر ، وأحمد مبتدأ مؤخر .
3 ـ إذا كان الوصف المشتق مثنى ، أو جمعا وتاليه مثنى ، أو جمعا ، وجب أن يكون الوصف خبرا مقدما ، وتاليه مبتدأ مؤخرا .
نحو : أ مسافران الضيفان ، وما مقصرون المجتهدون .
مسافران : خبر مقدم ، والضيفان : مبتدأ مؤخر .
نحو : صديقك والده أمنيته تحقيقها أن يشفى ابنه.
الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة كما مر معنا في جميع الأمثلة ، ما عدا المعتمدة على نفى ، أو استفهام . غير أنه يجوز الابتداء بالنكرة إذا أفادت معنى ، وقد قسم النحاة النكرة التي تفيد معنى إلى قسمين : ـ
أولا ـ النكرة التي تفيد الخصوص وهى :
ـ النكرة الموصوفة بوصف مذكور ، أو مقدر ، أو معنوي .
ـ مثال الأول قوله تعالى : { ولعبد مؤمن خير من مشرك )1 .
وقوله تعالى : ( ولأمة مؤمنة خير من مشركة )2 .
ـ ومثال الثاني قوله تعالى : { وطائفة قد أهمتهم أنفسهم }3 .
وقوله تعالى : ( ظلمات بعضها فوق بعض )4 .
ومثال الثالث : رجيل عندنا .
والتقدير في المثال الثالث : وطائفة من غيركم ، وفي الرابع : ظلمات متراكمة وفي المثال الخامس : رجل وضيع .
فالتصغير في المثال الخامس فيه معنى الوصف ودلالته .
ـ نكرة مضافة لفظا . نحو : خمس صلوات كتبهن الله على العباد .
ـ أن يتعلق بها معمول . نحو : أمر بمعرف صدقة ، ورغبة في الخير خير .
فسوغ الابتداء " بأمر " وهي نكرة كونه تعلق بها الجار والمجرور " بمعروف "
ثانيا ـ النكرة التي تفيد العموم : ـ
ـ أن يكون المبتدأ نفسه صيغة عموم . نحو : من يقم أقم معه ،
ومنه قوله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )5 .
ـ ومنه قوله تعالى : { كل له قانتون }6 .
ـ وقوله تعالى : { كل يعمل على شاكلته }7 .
ـ أن يقع المبتدأ النكرة في سياق النفي ، أو الاستفهام .
نحو : ما رجل في الدار ، وهل أحد قادم .
ـ ومنه قوله تعالى { أ إله مع الله }8 .
ـ أن يكون المبتدأ نكرة ، ولا مسوغ للابتداء به ، إلا أن يتقدم عليه خبر شبه
جملة ، جار ومجرور ، أو ظرف . في المدرسة زائرون .
ـ ومنه قوله تعالى : { لكل أجل كتاب }1 . ونحو : حول البئر أشجار .
ـ ومنه قوله تعالى : { وفوق كل ذي علم عليم }2 .
أو يتقدم عليه خبر جملة . نحو : صافحك صديقه رجل .
ـ ومنه قول طرفة بن العبد :
لخولة أطلال ببرقة تهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد / *
ومنه قول زهير :
لهم راح وراووق ومسك تُعلّ بهم جلودهُمُ وماء
ـ أن تكون النكرة معطوفة على معرفة . نحو : محمد ورجل عندنا .
ـ أو يعطف عليها بمعرفة . نحو : رجل ويوسف في المنزل .
ـ أن يعطف عليها بنكرة مخصصة . نحو : رجل وامرأة طويلة واقفان .
ـ أو تعطف على نكرة موصوفة . نحو : تميمي ورجل في المنزل .
- نحو قوله تعالى : { قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى }3 .
ـ أن تأتي النكرة جوابا لمن يسأل : من عندك ؟ فتقول : صديق .
التقدير : صديق عندي .
ـ أن يقصد بها التنويع ، والتفصيل . نحو : يوم لك ويوم عليك .
ـ ومنه قول النمر بن تولب:
فيوم علينا ويوم لنا ويوم نُساء ويوم نُسَر
ومنه قول امرئ القيس:
فأقبلت زحفا على الركبتين فثوب لبست وثوب أجر
الشاهد في البيتين " يوم علينا ، ويوم لنا ، وثوب لبست ، وثوب أجر " وكل منها وقع مبتدأ وخبر ، وسوغ الابتداء بالنكرات السابقة أنها أفادت التنويع .
ـ أن تفيد الدعاء ـ نحو قوله تعالى : { سلام على آل يسن }1 .
ومنه قوله تعالى : ( وويل للمشركين )2 .
وقوله تعالى : ( ويل لكل همزة لمزة )3 .
ـ ومنه قول عنترة :
فويل لكسرى إن حللت بأرضه وويل لجيش الفرس حين أُعَجعِج
ـ أن تكون عاملة فيما بعدها رفعا ونصبا وجرا .
نحو : مهذب خلقه محبوب . وإكرام ضيفا واجب . وإخلاص في العمل شرف .
فـ " مهذب ، وإكرام ، وإخلاص " كل منها وقع مبتدأ ، وسوغ الابتداء به مع أنه نكرة أن عمل فيما بعده ، فمهذب عملت الرفع في " خلقه " ، وإكرام عملت النصب في " ضيفا " ، وإخلاص عملت ـ كما يتوهم بعض النحاة ـ في شبه الجملة " في العمل " والصواب عندي أن كلمة " إخلاص " لم تعمل في شبه الجملة ، وإنما شبه الجملة تعلق بها ، والله أعلم .
ـ أن تكون من الألفاظ التي لها الصدارة في الكلام كأسماء الشرط .
نحو : من يزرع الخير يجنِ ثماره .
ـ ومنه قوله تعالى : { ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم }4 .
والاستفهام نحو : من زارنا ؟
ـ ومنه قوله تعالى : { ومن أظلم ممن كتم شهادة }5 .
ـ ومنه قول زهير :
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله على قومه يستغن عته ويذمم.
وما التعجبية نحو : ما أجمل السماء . ـ ومنه قول الشاع :
بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربى وما أجمل المصطاف والمتربعا.
وكم الخبرية نحو : كم حسنةٍ لك .
1 ـ ومنه قول الفرزدق :
كم عمة لك يا جرير وخالة فدحاء قد ملكت عليّ عشاري
فكم خبرية ، وتمييزها محذوف ، وعمة مبتدأ ، وجملت ملكت في محل رفع خبر.
ومنه قول عنترة :
كم ليلة سرت في البيداء منفردا والليلُ للغرب قد مالت كواكبه
أو كأين الخبرية .
ـ نحو قوله تعالى : { وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير }1 .
أو أضيف المبتدأ النكرة إلى ما له الصدارة . نحو : قلم من هذا ؟
ـ أن تقع في أول جملة الحال المرتبطة بالواو ، أو بدونها .
نحو : خرجت من المنزل وأنواره مضاءة .
ـ ومنه قول الشاعر* :
سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا محياك أخفى ضوءه كل شارق.
ومثال الثاني : ـ قول الشاعر* :
الذئب يطرقها في الدهر واحدة وكل يوم تراني مُدية بيدي.
الشاهد في البيت الأول " ونجم قد أضاء " فنجم مبتدأ ، وقد أضاء في محل رفع خبره ، والجملة في محل نصب حال ، والرابط الواو .
والشاهد في البيت الثاني " مدية بيدي " مدية مبتدأ ، وبيدي في محل رفع خبره ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير في تراني.
ـ أن تقع بعد لولا . نحو : لولا رجل لهلك أخوك .
4 ـ ومنه قول الشاعر بلا نسبة:
لولا اصطباري لأودى كل ذي مقة لما استقلت مطاياهن للضعن
الشاهد " اصطبار " حيث وقعت مبتدأ ، وهي نكرة ، ومسوغ الابتداء بها وقوعها بعد لولا ، وخبرها محذوف وجوبا تقديره : كائن ، أو موجود .
ومنه قول الفرزدق:
ولولا حياء زدت رأسك هزمةً إذا سُبِرتْ ظلتْ جوانبها تغلي
ـ أن تقع بعد إذا الفجائية . نحو : وصلت فإذا صديق ينتظرني .
ـ إذا اتصل بالنكرة ما له الصدارة : كلام الابتداء:
نحو : لعملٌ خيرٌ من قول .
ومنه قوله تعالى ( ولدار الآخرة خير )1 .
ـ ومنه قول عنترة :
ولَلموت خير للفتى من حياته إذا لم يثب للأمر إلا بقائدِ
ـ إذا أريد بها حقيقة الجنس ، وعموم أفراده . نحو : إنسان خير من بهيمة ،
وعالم خير من زاهد ، وثمرة خير من جرادة.
ـ أن تكون النكرة خلفا من موصوف . نحو : أعمى استعان بأعمى ،
وضعيف استجار بعاجز ، والتقدير : رجل أعمى ، ورجل ضعيف .
ـ أن يكون ثبوت الخبر لها من خوارق العادة . نحو : شجرة سجدت .
ـ أن تكون محصورة . نحو : ما طالب إلا ناجح . وإنما طالب ناجح .
ـ أن تكون في معنى المحصور بشرط وجود قرينة تهيئ لذلك .
نحو : حادث دعاك لقطع الرحلة . أي : ما دعاك لقطع الرحلة حادث .
ونحو : شر هر ذا ناب . وشيء جاء بك .
والتقدير : ما أهر ذا ناب إلا شر . وما جاء بك إلا شيء .
وقدّر أيضا : شر عظيم أهر ذا ناب . وشيء عظيم جاء بك .
ـ أن تكون مبهمة مقصودا إبهامها لغرض يريده المتكلم . نحو : زائر عندنا .
ومنه قول امرئ القيس :
مُرَسّعةٌ بين أَرساغه به عسَم يبتغي أرنبا
ـ أن تقع بعد فاء الجزاء .
نحو قولهم : إن ذهب عير فعير في الرباط .
ـ أن يكون من الأسماء التي لها الصدارة في الكلام كأسماء الشرط والاستفهام وما التعجبية ، وكم الخبرية .
نحو : من يقرأ الشعر ينم ثروته اللغوية .
ومنه قوله تعالى : ( من يفعل ذلك يلق أثاما )1 .
ومنه قول زهير :
ومن لم يزد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
ومثال الاستفهام : من مسافر غدا ؟
ومنه قوله تعالى : ( من أنصاري إلى الله )2 .
وقوله تعالى : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله )3 .
وقوله تعالى : ( فما خطبكم أيها المرسلون )1 .
ومنه قول المتنبي :
وما الفرقُ ما بين الأنام وبينَه إذا حَذِر المحذورَ واستصعبَ الصعبا
ومثال ما التعجبية : ما أجمل الربيع .
ومنه قول جرير :
فما أبصر النارَ التي وضحت له وراء جُفاف الطير إلا تماريا
ومثال كم الخبرية : كم من كتب قرأت .
ومنه قوله تعالى : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة )2 .
ومنه قول المتنبي :
وكم ذنبٍ مُوَلِّدُهُ دلالٌ وكم بُعدٍ مُولِّدُه اقترابُ
وقوله أيضا :
كم زورةٌٍ لك في الأعراب خافيةٌٍ أدهى وقد رقدوا من زورة الذيبِ
ومنه قوله تعالى ( فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم )3 .
وقوله تعالى : ( فأما الزبد فيذهب جفاء )4 .
وقوله تعالى : ( من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين )5 .
ونحو : ومدير أي مدرسة صافحت ؟
ونحو : عمل من أعجبك ؟
ومنه قوله تعالى : ( الله يستهزئ بهم )1 .
وقوله تعالى : ( قل الله يهدي للحق ) 2 .
وقوله تعالى : ( أو من كان ميتا فأحييناه ) 3 .
ومنه قوله تعالى : ( وللدار الآخرة خير للذين يتقون ) 4 .
وقوله تعالى : ( ولذكر الله أكبر ) 5 .
وقوله تعالى : ( وللآخرة خير لك من الأولى ) 6 .
ومنه قول زهير :
ولأنت أوصلُ ما علمتُ به لشوابك الأرحام والصِّهر
ونحو : محمد أبوك . إن أردت الإخبار عن محمد .
فإن وجدت القرينة التي تميز المبتدأ عن الخبر ، جاز التقديم والتأخير .
نحو : أبناء مدرستنا أبناؤنا . بتقديم المبتدأ .
وأبناؤنا أبناء مدرستنا . بتقديم الخبر .
وسواء تقدم المبتدأ ، أو الخبر فالدلالة واحدة .
ومنه قول الشاعر :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد
ـ ومنه قوله تعالى : ( ما المسيح بن مريم إلا رسول ).
وقوله تعالى : ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ).
وقوله تعالى : ( وما محمد إلا رسول ).
وقوله تعالى : ( إنما نحن مصلحون ).
وقوله تعالى : ( قل إنما هو إله واحد ).
وقله تعالى : ( إنما أنت نذير ).
ـ النعت المقطوع إلى الرفع لإفادة المدح ، أو الذم ، أو الترحم .
نحو : مررت بزيدٍ الكريمُ . والتقدير : هو الكريم .
ونحو : ابتعد عن اللئيم الخبيث ُ . والتقدير : هو الخبيث .
ونحو : تصدقت على الفقير المسكينُ . والتقدير : هو المسكين .
ومنه قول الشاعر :
في عنقي لأسدين يدا لكل ذي حاجة يرجيها
ونحو قوله تعالى : ( فصبر جمل والله المستعان على ما تصفون ) 1 .
وقوله تعالى : ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ) 2 .
ومنه قول الشاعر :
شكا إليّ جملي طول السرى صبر جميل فكلانا مبتلى
فمحمد والكسول خبران حذف مبتدأ كل منهما .
والتقدير ، هو محمد ، وهو الكسول .
ويجوز أن يكون الخبر الجملة الفعلية المقدمة والمخصوص بالمدح أو الذم هو المبتدأ المؤخر . 27 ـ ومنه قوله تعالى : ( إن تبدوا الصدقات فنعمّا هي )3 .
يجوز في " هي " الرفع على الابتداء ، والجملة قبلها في محل رفع خبر مقدم ، ويجوز أن تكون " هي " في محل رفع خبر والمبتدأ محذوف ، تقديره : فنعما الصدقات هي .
ومنه قول الشاعر :
فنعم صديق المرء من كان عونه وبئس امرؤ لا يعين على الدهر
ومنه قول عنترة :
ونعم فوارس الهيجاء قومي إذا علَقوا الأعنةَ بالبَنان
ويكثر حذف المبتدأ في المواضع التالية :
ـ بعد القول .
نحو قوله تعالى : ( ويقولون طاعة ) 1 .
والتقدير : أمرنا طاعة ، أو : منا طاعة .
وقوله تعالى : ( قالوا أضغات أحلام ) 2 .
والتقدير : هي أضغات .
وقوله تعالى : ( وقالت عجوز عقيم ) 3 .
التقدير : أنا عجوز .
أي : فهم إخوانكم .
وقوله تعالى : ( وما تنفقوا من خير فلأنفسكم ) 5 .
أي : فهو لأنفسكم .
وقوله تعالى : ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ) 6 .
أي : فالإساءة لها .
ـ ويكثر حذف المبتدأ بعد ما الخبر صفة له في المعنى .
ـ نحو قوله تعالى : ( صم بكم عمي فهم لا يرجعون ) 1 .
صم خبر لمبتدأ محذوف ، التقدير : هم صم .
وقوله تعالى : ( بديع السموات والأرض ) 2 .
في قراءة الرفع : خبر لمبتدأ محذوف ، التقدير : هو بديع .
وقرئ بالنصب ، والجر .
وقوله تعالى : ( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ) 3 .
عالم : خبر لمبتدأ محذوف ، التقدير : هو عالم .
وقيل : عالم مبتدأ خبره الكبير .
ومنه قول امرئ القيس :
مهفهفة بيضاء غير مفاضة ترائبها مصقولة كالسجنجل / *
التقدير : هي مهفهفة .
ومنه قول طرفة بن العبد :
كريم يرّوي نفسه في حياته ستعلم إن مُتنا غدا أيّنا الصدي
التقدير : هو كريم .
ـ ويحذف المبتدأ بعد بل، نحو قوله تعالى : ( بل عباد مكرمون ) 4 .
فعباد خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هم هباد .
التقدير : هو بخير .
ومنه قوله تعالى : ( وما أدراك ما هي . نار حامية ) 1 .
نار : خبر لمبتدأ محذوف في جواب السؤال . التقدير : هي نار .
وقوله تعالى : ( إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ) 2 .
متاع : خبر لمبتدأ محذوف وهو جواب لسؤال ، والتقدير : ذلك متاع .
وقوله تعالى : ( وما أدراك ما الحطمة . نار الله الموقدة ) 3 .
نار الله : خبر لمبتدأ محذوف في جواب السؤال ، أي : هي نار الله .
وقد ذكر ابن هشام في المغني أن المبتدأ يكثر حذفه في جواب الاستفهام . (4)
ـ إذا كان في الجملة ما يشير إليه .
نحو قوله تعالى : ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ) 5 .
فلنفسه : في محل رفع خبر ، والضمير في محل جر بالإضافة ، والمبتدأ محذوف ، وكذلك قوله : من أساء فعليها .
والتقدير : من عمل صالحا فعمله لنفسه ، ومن أساء فإساءته عليها .
يجوز أن يحذف المبتدأ والخبر معا إذا دل عليهما دليل .
نحو : الذين فازوا في مسابقة الإلقاء لهم جوائز ، والذين ساهموا أيضا .
والمحذوف : لهم جوائز . وهو مبتدأ وخبر ، أي والذين ساهموا أيضا لهم جوائز .
ونحو قوله تعالى : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن أرتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ) 6 .
والتقدير : واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر . فانحذفت جملة كاملة مكونة من المبتدأ والخبر .
ـ ويحذفان في الجواب بنعم عن سؤال . كأن تسأل : أأنت مسافر ؟
فتقول : نعم ، أي : نعم أنا مسافر ، فحذفت جملة أنا مسافر المكونة من المبتدأ
" أنا " والخبر " مسافر " .
نحو : محمد مبتسم ، ومنه قوله تعالى { والله واسع عليم }1 .
ومثال المسبوق بنفي: ما قادم الضيف ، ومثال المسبوق باستفهام : أ ناجح عليُّ.
- ومنه قوله تعالى { أ راغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم }2 .
- ومنه قول الشاعر بلا نسبة :
أمنجز أنتم وعدا وثقت به أم اقتفيتم جميعا نهج عرقوب
نحو : بحسبك درهم.
ومثال المسبوق بنفي: ما قادم الضيف ، ومثال المسبوق باستفهام : أ ناجح عليُّ.
- ومنه قوله تعالى { أ راغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم }2 .
- ومنه قول الشاعر بلا نسبة :
أمنجز أنتم وعدا وثقت به أم اقتفيتم جميعا نهج عرقوب
حكم المبتدأ:
المبتدأ مرفوع دائما، إلا إذا سبق بحرف جر زائد أو شبيه بالزائد ، فيجر لفظا، ويرفع محلا .نحو : بحسبك درهم.
- ونحو قوله تعالى : { وما من إله إلا الله }.
ونحو: " يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة ".
ونحو: " يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة ".
أقسام المبتدأ :
ينقسم المبتدأ إلى قسمين :1 ـ مبتدأ صريح:
ويشتمل على الاسم الظاهر ، كما في الأمثلة السابقة .
أو الضمير، نحو : أنت مخلص ، وهو مجتهد.
ومنه قوله تعالى : ( وهم يصرخون فيها ).
أو الضمير، نحو : أنت مخلص ، وهو مجتهد.
ومنه قوله تعالى : ( وهم يصرخون فيها ).
وقوله تعالى : ( أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين )1 .
2 ـ مبتدأ مؤول من أن والفعل:
نحو : أن تتحدوا أرهب لعدوكم .
ومنه قوله تعالى { وأن تصوموا خير لكم }2 .
وقوله تعالى : ( وان تعفوا أقرب للتقوى )3
والتقدير : اتحادكم أرهب لعدوكم ، وصيامكم خير لكم .
ينقسم المبتدأ بالنسبة لأخذه خبرا إلى نوعين:
1 ـ مبتدأ له خبر:
ومنه قوله تعالى { وأن تصوموا خير لكم }2 .
وقوله تعالى : ( وان تعفوا أقرب للتقوى )3
والتقدير : اتحادكم أرهب لعدوكم ، وصيامكم خير لكم .
أنواع المبتدأ:
ينقسم المبتدأ بالنسبة لأخذه خبرا إلى نوعين:
1 ـ مبتدأ له خبر:
نحو : الحكمة ضالة المؤمن .
الحكمة : مبتدأ ، وضالة : خبر .
ومنه قوله تعالى : ( أولئك لهم جنات عدن ).
الحكمة : مبتدأ ، وضالة : خبر .
ومنه قوله تعالى : ( أولئك لهم جنات عدن ).
2 ـ مبتدأ ليس له خبر:
ولكن له مرفوع يسد مسد الخبر.
نحو: أنائم الطفل، وما محمود البخل.
ومنه قوله تعالى: ( أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ).
نائم : مبتدأ ، والطفل : فاعل سد مسد الخبر .
ومحمود : مبتدأ ، والبخل : نائب فاعل سد مسد الخبر .
ومنه قول : عبيدة بن الأبرص:
أعاقر مثلُ ذات رحم أو غانم مثل من يخيب.
2 ـ العامل فيهما معنوي ، وهو الابتداء.
ما يختلفان في :
نحو: أنائم الطفل، وما محمود البخل.
ومنه قوله تعالى: ( أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ).
نائم : مبتدأ ، والطفل : فاعل سد مسد الخبر .
ومحمود : مبتدأ ، والبخل : نائب فاعل سد مسد الخبر .
ومنه قول : عبيدة بن الأبرص:
أعاقر مثلُ ذات رحم أو غانم مثل من يخيب.
ما يتفق فيه النوعان:
1 ـ مجردان من العوامل اللفظية.2 ـ العامل فيهما معنوي ، وهو الابتداء.
ما يختلفان في :
1 ـ المبتدأ صاحب الخبر:
إما أن يكون اسما صريحا، أو مصدرا مؤولا بالصريح ، ولا يكون المبتدأ الذي لا خبر له في تأويل الاسم ، بل لا بد أن يكون صفة مشبهة بالفعل : كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة باسم الفاعل.
2 ــ المبتدأ صاحب الخبر:
2 ــ المبتدأ صاحب الخبر:
لا يعتمد على شيء ، أما المبتدأ الذي لا خبر له فلابد أن يعتمد على نفي ، أو استفهام كما مثلنا سابقا.
ومنه قوله تعالى : ( ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ).
ومنه قوله تعالى : ( أ قريب ما توعدون ).
فمولود مبتدأ نكرة وسوغ الابتداء به اعتماده على نفي، وجاز نائب فاعل سد مسد الخبر ، أو مبتدأ مؤخر ، ومولود خبر مقدم ، وقيل مولود مبتدأ ، وجاز خبره.
ومنه قوله تعالى : ( ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ).
ومنه قوله تعالى : ( أ قريب ما توعدون ).
فمولود مبتدأ نكرة وسوغ الابتداء به اعتماده على نفي، وجاز نائب فاعل سد مسد الخبر ، أو مبتدأ مؤخر ، ومولود خبر مقدم ، وقيل مولود مبتدأ ، وجاز خبره.
وجوه الإعراب في الاسم المرفوع بعد المبتدأ الذي لا خبر له:
في الاسم الواقع بعد المبتدأ المعتمد على نفي ، أو استفهام ، والذي اكتفى بمرفوعه ثلاثة أوجه من الإعراب.
1 ـ إذا كان الوصف المشتق مفردا وتاليه مفردا.
نحو: أ مسافر الرجل ، وما محبوب الكسول.
وجاز أن يكون منه قوله تعالى : ( أحق هو ).
على اعتبار أن " حق " مصدر بمعنى اسم الفاعل ثابت ، فيكون حق مبتدأ ، وهو فاعل ، ويجوز أن يكون " حق " خبر مقدم ، وهو مبدأ مؤخر .
جاز فيه وجهان :
أ ـ أن يكون الوصف مبتدأ وما بعده فاعلا ، أو نائبا عن الفاعل سد مسد الخبر . ويكون الفاعل بعد اسم الفاعل ، ونائب الفاعل بعد اسم المفعول .
فمسافر مبتدأ ، والرجل فاعل سد مسد الخبر .
ومحبوب مبتدأ ، والكسول نائب فاعل سد مسد الخبر .
ب ـ كما يجوز أن يكون الوصف المشتق خبرا مقدما وتاليه مبتدأ مؤخرا .
فمسافر : خبر مقدم ، والرجل : مبتدأ مؤخر .
2 ـ إذا كان الوصف المشتق مفردا ، وتاليه مثنى ، أو جمعا ، وجب أن يكون الوصف مبتدأ ، وتاليه فاعلا ، أو نائبا عن الفاعل سد مسد الخبر .
نحو : ما مهمل الطالبان ، وما محبوب المقصرون .
مهمل : مبتدأ ، والطالبان : فاعل سد مسد الخبر .
ومحبوب : مبتدأ ، والمقصرون : نائب فاعل سد مسد الخبر .
3 ـ ومنه قول الشاعر بلا نسبة :
أ قاطن قوم سلمى أو نووا ضعنا أن يضعنوا فعجيب عيش من قطنا
الشاهد في البيت قوله " أ قاطن قوم " إذ اكتفى بالفاعل " قوم " عن الخبر ؛ لكون المبتدأ " قاطن " وصفا معتمدا على الاستفهام .
ومثلما رفعت الصفة المشتقة الواقعة مبتدأ ، والمعتمدة على استفهام أو نفي اسما ظاهرا كما في البيت السابق ، فإنها ترفع الضمير الظاهر أيضا .
4 ـ نحو قول الشاعر:
خليليّ ما وافٍ بعهدي أنتما إذا لم تكونا لي على من أقاطع
فإن رفعت الصفة الضمير المستتر فهي ليست من هذا الباب ، وإنما هي خبر عما قبلها . نحو : محمد لا مجتهد ولا مؤدب .
ففاعل كل من مجتهد ومؤدب ضمير مستتر تقديره : هو .
وإن اكتفت بمرفوعها الظاهر فهي خبر مقدم ، وما بعد المرفوع مبتدأ مؤخر .
نحو : ما مسافر والداه أحمد .
مسافر خبر مقدم ، ووالداه فاعل لمسافر ، وأحمد مبتدأ مؤخر .
3 ـ إذا كان الوصف المشتق مثنى ، أو جمعا وتاليه مثنى ، أو جمعا ، وجب أن يكون الوصف خبرا مقدما ، وتاليه مبتدأ مؤخرا .
نحو : أ مسافران الضيفان ، وما مقصرون المجتهدون .
مسافران : خبر مقدم ، والضيفان : مبتدأ مؤخر .
تعدد المبتدأ :
يجوز تعدد المبتدأ وخبره واحد.نحو : صديقك والده أمنيته تحقيقها أن يشفى ابنه.
تعريف المبتدأ وتنكيره :
الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة كما مر معنا في جميع الأمثلة ، ما عدا المعتمدة على نفى ، أو استفهام . غير أنه يجوز الابتداء بالنكرة إذا أفادت معنى ، وقد قسم النحاة النكرة التي تفيد معنى إلى قسمين : ـ
أولا ـ النكرة التي تفيد الخصوص وهى :
ـ النكرة الموصوفة بوصف مذكور ، أو مقدر ، أو معنوي .
ـ مثال الأول قوله تعالى : { ولعبد مؤمن خير من مشرك )1 .
وقوله تعالى : ( ولأمة مؤمنة خير من مشركة )2 .
ـ ومثال الثاني قوله تعالى : { وطائفة قد أهمتهم أنفسهم }3 .
وقوله تعالى : ( ظلمات بعضها فوق بعض )4 .
ومثال الثالث : رجيل عندنا .
والتقدير في المثال الثالث : وطائفة من غيركم ، وفي الرابع : ظلمات متراكمة وفي المثال الخامس : رجل وضيع .
فالتصغير في المثال الخامس فيه معنى الوصف ودلالته .
ـ نكرة مضافة لفظا . نحو : خمس صلوات كتبهن الله على العباد .
ـ أن يتعلق بها معمول . نحو : أمر بمعرف صدقة ، ورغبة في الخير خير .
فسوغ الابتداء " بأمر " وهي نكرة كونه تعلق بها الجار والمجرور " بمعروف "
ثانيا ـ النكرة التي تفيد العموم : ـ
ـ أن يكون المبتدأ نفسه صيغة عموم . نحو : من يقم أقم معه ،
ومنه قوله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )5 .
ـ ومنه قوله تعالى : { كل له قانتون }6 .
ـ وقوله تعالى : { كل يعمل على شاكلته }7 .
ـ أن يقع المبتدأ النكرة في سياق النفي ، أو الاستفهام .
نحو : ما رجل في الدار ، وهل أحد قادم .
ـ ومنه قوله تعالى { أ إله مع الله }8 .
ومن النكرات التي يسوغ الابتداء بها أيضا :
ـ أن يكون المبتدأ نكرة ، ولا مسوغ للابتداء به ، إلا أن يتقدم عليه خبر شبه
جملة ، جار ومجرور ، أو ظرف . في المدرسة زائرون .
ـ ومنه قوله تعالى : { لكل أجل كتاب }1 . ونحو : حول البئر أشجار .
ـ ومنه قوله تعالى : { وفوق كل ذي علم عليم }2 .
أو يتقدم عليه خبر جملة . نحو : صافحك صديقه رجل .
ـ ومنه قول طرفة بن العبد :
لخولة أطلال ببرقة تهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد / *
ومنه قول زهير :
لهم راح وراووق ومسك تُعلّ بهم جلودهُمُ وماء
ـ أن تكون النكرة معطوفة على معرفة . نحو : محمد ورجل عندنا .
ـ أو يعطف عليها بمعرفة . نحو : رجل ويوسف في المنزل .
ـ أن يعطف عليها بنكرة مخصصة . نحو : رجل وامرأة طويلة واقفان .
ـ أو تعطف على نكرة موصوفة . نحو : تميمي ورجل في المنزل .
- نحو قوله تعالى : { قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى }3 .
ـ أن تأتي النكرة جوابا لمن يسأل : من عندك ؟ فتقول : صديق .
التقدير : صديق عندي .
ـ أن يقصد بها التنويع ، والتفصيل . نحو : يوم لك ويوم عليك .
ـ ومنه قول النمر بن تولب:
فيوم علينا ويوم لنا ويوم نُساء ويوم نُسَر
ومنه قول امرئ القيس:
فأقبلت زحفا على الركبتين فثوب لبست وثوب أجر
الشاهد في البيتين " يوم علينا ، ويوم لنا ، وثوب لبست ، وثوب أجر " وكل منها وقع مبتدأ وخبر ، وسوغ الابتداء بالنكرات السابقة أنها أفادت التنويع .
ـ أن تفيد الدعاء ـ نحو قوله تعالى : { سلام على آل يسن }1 .
ومنه قوله تعالى : ( وويل للمشركين )2 .
وقوله تعالى : ( ويل لكل همزة لمزة )3 .
ـ ومنه قول عنترة :
فويل لكسرى إن حللت بأرضه وويل لجيش الفرس حين أُعَجعِج
ـ أن تكون عاملة فيما بعدها رفعا ونصبا وجرا .
نحو : مهذب خلقه محبوب . وإكرام ضيفا واجب . وإخلاص في العمل شرف .
فـ " مهذب ، وإكرام ، وإخلاص " كل منها وقع مبتدأ ، وسوغ الابتداء به مع أنه نكرة أن عمل فيما بعده ، فمهذب عملت الرفع في " خلقه " ، وإكرام عملت النصب في " ضيفا " ، وإخلاص عملت ـ كما يتوهم بعض النحاة ـ في شبه الجملة " في العمل " والصواب عندي أن كلمة " إخلاص " لم تعمل في شبه الجملة ، وإنما شبه الجملة تعلق بها ، والله أعلم .
ـ أن تكون من الألفاظ التي لها الصدارة في الكلام كأسماء الشرط .
نحو : من يزرع الخير يجنِ ثماره .
ـ ومنه قوله تعالى : { ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم }4 .
والاستفهام نحو : من زارنا ؟
ـ ومنه قوله تعالى : { ومن أظلم ممن كتم شهادة }5 .
ـ ومنه قول زهير :
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله على قومه يستغن عته ويذمم.
وما التعجبية نحو : ما أجمل السماء . ـ ومنه قول الشاع :
بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربى وما أجمل المصطاف والمتربعا.
وكم الخبرية نحو : كم حسنةٍ لك .
1 ـ ومنه قول الفرزدق :
كم عمة لك يا جرير وخالة فدحاء قد ملكت عليّ عشاري
فكم خبرية ، وتمييزها محذوف ، وعمة مبتدأ ، وجملت ملكت في محل رفع خبر.
ومنه قول عنترة :
كم ليلة سرت في البيداء منفردا والليلُ للغرب قد مالت كواكبه
أو كأين الخبرية .
ـ نحو قوله تعالى : { وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير }1 .
أو أضيف المبتدأ النكرة إلى ما له الصدارة . نحو : قلم من هذا ؟
ـ أن تقع في أول جملة الحال المرتبطة بالواو ، أو بدونها .
نحو : خرجت من المنزل وأنواره مضاءة .
ـ ومنه قول الشاعر* :
سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا محياك أخفى ضوءه كل شارق.
ومثال الثاني : ـ قول الشاعر* :
الذئب يطرقها في الدهر واحدة وكل يوم تراني مُدية بيدي.
الشاهد في البيت الأول " ونجم قد أضاء " فنجم مبتدأ ، وقد أضاء في محل رفع خبره ، والجملة في محل نصب حال ، والرابط الواو .
والشاهد في البيت الثاني " مدية بيدي " مدية مبتدأ ، وبيدي في محل رفع خبره ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير في تراني.
ـ أن تقع بعد لولا . نحو : لولا رجل لهلك أخوك .
4 ـ ومنه قول الشاعر بلا نسبة:
لولا اصطباري لأودى كل ذي مقة لما استقلت مطاياهن للضعن
الشاهد " اصطبار " حيث وقعت مبتدأ ، وهي نكرة ، ومسوغ الابتداء بها وقوعها بعد لولا ، وخبرها محذوف وجوبا تقديره : كائن ، أو موجود .
ومنه قول الفرزدق:
ولولا حياء زدت رأسك هزمةً إذا سُبِرتْ ظلتْ جوانبها تغلي
ـ أن تقع بعد إذا الفجائية . نحو : وصلت فإذا صديق ينتظرني .
ـ إذا اتصل بالنكرة ما له الصدارة : كلام الابتداء:
نحو : لعملٌ خيرٌ من قول .
ومنه قوله تعالى ( ولدار الآخرة خير )1 .
ـ ومنه قول عنترة :
ولَلموت خير للفتى من حياته إذا لم يثب للأمر إلا بقائدِ
ـ إذا أريد بها حقيقة الجنس ، وعموم أفراده . نحو : إنسان خير من بهيمة ،
وعالم خير من زاهد ، وثمرة خير من جرادة.
ـ أن تكون النكرة خلفا من موصوف . نحو : أعمى استعان بأعمى ،
وضعيف استجار بعاجز ، والتقدير : رجل أعمى ، ورجل ضعيف .
ـ أن يكون ثبوت الخبر لها من خوارق العادة . نحو : شجرة سجدت .
ـ أن تكون محصورة . نحو : ما طالب إلا ناجح . وإنما طالب ناجح .
ـ أن تكون في معنى المحصور بشرط وجود قرينة تهيئ لذلك .
نحو : حادث دعاك لقطع الرحلة . أي : ما دعاك لقطع الرحلة حادث .
ونحو : شر هر ذا ناب . وشيء جاء بك .
والتقدير : ما أهر ذا ناب إلا شر . وما جاء بك إلا شيء .
وقدّر أيضا : شر عظيم أهر ذا ناب . وشيء عظيم جاء بك .
ـ أن تكون مبهمة مقصودا إبهامها لغرض يريده المتكلم . نحو : زائر عندنا .
ومنه قول امرئ القيس :
مُرَسّعةٌ بين أَرساغه به عسَم يبتغي أرنبا
ـ أن تقع بعد فاء الجزاء .
نحو قولهم : إن ذهب عير فعير في الرباط .
العامل في المبتدأ:
اختلف النحاة حول العامل في المبتدأ ، ولكن الراجح هو : الابتداء . أي : أن العامل فيه معنوي كونه مجردا عن العوامل اللفظية غير الزائدة ، وشبه الزائدة .وجوب تقديم المبتدأ:
يجب تقديم المبتدأ في ستة مواضع:ـ أن يكون من الأسماء التي لها الصدارة في الكلام كأسماء الشرط والاستفهام وما التعجبية ، وكم الخبرية .
نحو : من يقرأ الشعر ينم ثروته اللغوية .
ومنه قوله تعالى : ( من يفعل ذلك يلق أثاما )1 .
ومنه قول زهير :
ومن لم يزد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
ومثال الاستفهام : من مسافر غدا ؟
ومنه قوله تعالى : ( من أنصاري إلى الله )2 .
وقوله تعالى : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله )3 .
وقوله تعالى : ( فما خطبكم أيها المرسلون )1 .
ومنه قول المتنبي :
وما الفرقُ ما بين الأنام وبينَه إذا حَذِر المحذورَ واستصعبَ الصعبا
ومثال ما التعجبية : ما أجمل الربيع .
ومنه قول جرير :
فما أبصر النارَ التي وضحت له وراء جُفاف الطير إلا تماريا
ومثال كم الخبرية : كم من كتب قرأت .
ومنه قوله تعالى : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة )2 .
ومنه قول المتنبي :
وكم ذنبٍ مُوَلِّدُهُ دلالٌ وكم بُعدٍ مُولِّدُه اقترابُ
وقوله أيضا :
كم زورةٌٍ لك في الأعراب خافيةٌٍ أدهى وقد رقدوا من زورة الذيبِ
ـ أن يكون المبتدأ مشبها باسم الشرط .
نحو : الذي يفوزُ فله جائزة .ومنه قوله تعالى ( فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم )3 .
وقوله تعالى : ( فأما الزبد فيذهب جفاء )4 .
وقوله تعالى : ( من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين )5 .
- أن يضاف إلى اسم له صدر الكلام.
نحو : كراسة كم طالب صححت ؟ونحو : ومدير أي مدرسة صافحت ؟
ونحو : عمل من أعجبك ؟
- إذا كان الخبر جملة فعليه فاعلها ضمير مستتر يعود على المبتدأ .
نحو : أنت تعبث بمقتنياتي . ومحمد يلعب الكرة .ومنه قوله تعالى : ( الله يستهزئ بهم )1 .
وقوله تعالى : ( قل الله يهدي للحق ) 2 .
وقوله تعالى : ( أو من كان ميتا فأحييناه ) 3 .
ـ أن يكون مقترنا بلا الابتداء " أو ما تعرف بلام التوكيد " .
نحو : لأنت أفضل من أخيك .ومنه قوله تعالى : ( وللدار الآخرة خير للذين يتقون ) 4 .
وقوله تعالى : ( ولذكر الله أكبر ) 5 .
وقوله تعالى : ( وللآخرة خير لك من الأولى ) 6 .
ومنه قول زهير :
ولأنت أوصلُ ما علمتُ به لشوابك الأرحام والصِّهر
ـ أن يكون كل من المبتدأ والخبر معرفة ، أو نكرة وليس هناك قرينة تعين أحدهما فيتقدم المبتدأ خشية التباس الخبر به .
نحو : أبوك محمد . إن أردت الإخبار الأب .ونحو : محمد أبوك . إن أردت الإخبار عن محمد .
فإن وجدت القرينة التي تميز المبتدأ عن الخبر ، جاز التقديم والتأخير .
نحو : أبناء مدرستنا أبناؤنا . بتقديم المبتدأ .
وأبناؤنا أبناء مدرستنا . بتقديم الخبر .
وسواء تقدم المبتدأ ، أو الخبر فالدلالة واحدة .
ومنه قول الشاعر :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد
ـ أن يكون المبتدأ محصورا في الخبر بما وإلا ، أو بإنما.
نحو : ما الصدق إلا فضيلة . وإنما أنت مهذب .ـ ومنه قوله تعالى : ( ما المسيح بن مريم إلا رسول ).
وقوله تعالى : ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ).
وقوله تعالى : ( وما محمد إلا رسول ).
وقوله تعالى : ( إنما نحن مصلحون ).
وقوله تعالى : ( قل إنما هو إله واحد ).
وقله تعالى : ( إنما أنت نذير ).
وجوب حذف المبتدأ : يحذف المبتدأ وجوبا في أربعة مواضع :
ـ النعت المقطوع إلى الرفع لإفادة المدح ، أو الذم ، أو الترحم .
نحو : مررت بزيدٍ الكريمُ . والتقدير : هو الكريم .
ونحو : ابتعد عن اللئيم الخبيث ُ . والتقدير : هو الخبيث .
ونحو : تصدقت على الفقير المسكينُ . والتقدير : هو المسكين .
ـ إن دل عليه جواب القسم . نحو : في ذمتي لأقولن الصدق .
والتقدير : في ذمتي عهد .ومنه قول الشاعر :
في عنقي لأسدين يدا لكل ذي حاجة يرجيها
ـ إن كان الخبر مصدرا ناب عن فعله . نحو : صبر جميل . وسمع وطاعة .
والتقدير : صبري صبر جمل ، وأمري سمع وطاعة .ونحو قوله تعالى : ( فصبر جمل والله المستعان على ما تصفون ) 1 .
وقوله تعالى : ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ) 2 .
ومنه قول الشاعر :
شكا إليّ جملي طول السرى صبر جميل فكلانا مبتلى
ـ إن كان الخبر مخصوصا بالمدح أو الذم ، بعد نعم وبئس مؤخرا عنهما .
نحو : نعم الطالب محمد ، وبئس الطالب الكسول .فمحمد والكسول خبران حذف مبتدأ كل منهما .
والتقدير ، هو محمد ، وهو الكسول .
ويجوز أن يكون الخبر الجملة الفعلية المقدمة والمخصوص بالمدح أو الذم هو المبتدأ المؤخر . 27 ـ ومنه قوله تعالى : ( إن تبدوا الصدقات فنعمّا هي )3 .
يجوز في " هي " الرفع على الابتداء ، والجملة قبلها في محل رفع خبر مقدم ، ويجوز أن تكون " هي " في محل رفع خبر والمبتدأ محذوف ، تقديره : فنعما الصدقات هي .
ومنه قول الشاعر :
فنعم صديق المرء من كان عونه وبئس امرؤ لا يعين على الدهر
ومنه قول عنترة :
ونعم فوارس الهيجاء قومي إذا علَقوا الأعنةَ بالبَنان
ويكثر حذف المبتدأ في المواضع التالية :
ـ بعد القول .
نحو قوله تعالى : ( ويقولون طاعة ) 1 .
والتقدير : أمرنا طاعة ، أو : منا طاعة .
وقوله تعالى : ( قالوا أضغات أحلام ) 2 .
والتقدير : هي أضغات .
وقوله تعالى : ( وقالت عجوز عقيم ) 3 .
التقدير : أنا عجوز .
ـ يكتر حذفه بعد فاء الجزاء .
نحو قوله تعالى : ( وإن يخالطوهم فإخوانكم ) 4 .أي : فهم إخوانكم .
وقوله تعالى : ( وما تنفقوا من خير فلأنفسكم ) 5 .
أي : فهو لأنفسكم .
وقوله تعالى : ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ) 6 .
أي : فالإساءة لها .
ـ ويكثر حذف المبتدأ بعد ما الخبر صفة له في المعنى .
ـ نحو قوله تعالى : ( صم بكم عمي فهم لا يرجعون ) 1 .
صم خبر لمبتدأ محذوف ، التقدير : هم صم .
وقوله تعالى : ( بديع السموات والأرض ) 2 .
في قراءة الرفع : خبر لمبتدأ محذوف ، التقدير : هو بديع .
وقرئ بالنصب ، والجر .
وقوله تعالى : ( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ) 3 .
عالم : خبر لمبتدأ محذوف ، التقدير : هو عالم .
وقيل : عالم مبتدأ خبره الكبير .
ومنه قول امرئ القيس :
مهفهفة بيضاء غير مفاضة ترائبها مصقولة كالسجنجل / *
التقدير : هي مهفهفة .
ومنه قول طرفة بن العبد :
كريم يرّوي نفسه في حياته ستعلم إن مُتنا غدا أيّنا الصدي
التقدير : هو كريم .
ـ ويحذف المبتدأ بعد بل، نحو قوله تعالى : ( بل عباد مكرمون ) 4 .
فعباد خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هم هباد .
جواز حذف المبتدأ :
1 ـ يحذف المبتدأ جوازا في جواب من سأل : كيف محمد ؟ تقول : بخير .التقدير : هو بخير .
ومنه قوله تعالى : ( وما أدراك ما هي . نار حامية ) 1 .
نار : خبر لمبتدأ محذوف في جواب السؤال . التقدير : هي نار .
وقوله تعالى : ( إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ) 2 .
متاع : خبر لمبتدأ محذوف وهو جواب لسؤال ، والتقدير : ذلك متاع .
وقوله تعالى : ( وما أدراك ما الحطمة . نار الله الموقدة ) 3 .
نار الله : خبر لمبتدأ محذوف في جواب السؤال ، أي : هي نار الله .
وقد ذكر ابن هشام في المغني أن المبتدأ يكثر حذفه في جواب الاستفهام . (4)
ـ إذا كان في الجملة ما يشير إليه .
نحو قوله تعالى : ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ) 5 .
فلنفسه : في محل رفع خبر ، والضمير في محل جر بالإضافة ، والمبتدأ محذوف ، وكذلك قوله : من أساء فعليها .
والتقدير : من عمل صالحا فعمله لنفسه ، ومن أساء فإساءته عليها .
حذف المبتدأ والخبر معا :
يجوز أن يحذف المبتدأ والخبر معا إذا دل عليهما دليل .
نحو : الذين فازوا في مسابقة الإلقاء لهم جوائز ، والذين ساهموا أيضا .
والمحذوف : لهم جوائز . وهو مبتدأ وخبر ، أي والذين ساهموا أيضا لهم جوائز .
ونحو قوله تعالى : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن أرتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ) 6 .
والتقدير : واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر . فانحذفت جملة كاملة مكونة من المبتدأ والخبر .
ـ ويحذفان في الجواب بنعم عن سؤال . كأن تسأل : أأنت مسافر ؟
فتقول : نعم ، أي : نعم أنا مسافر ، فحذفت جملة أنا مسافر المكونة من المبتدأ
" أنا " والخبر " مسافر " .