هل اللغة خاصية إنسانية؟
السؤال:
هل اللغة وظيفة مشتركة بين الانسان والحيوان أم أنها خاصية انسانية بحتة؟
تعتبر اشكالية طبيعة اللغة من بين الاشكاليات الفلسفية و اللغوية الكبرى التي اختلف حولها الفلاسفة والمفكرين وعلماء اللغة،
فبالرغم من اتفاقهم على أن اللغة هي مجموعة دلالات يراد بها مدلولات معينة ، الا أنهم اختلفوا حول طبيعتها ، حيث راى بعض اللغويون أن اللغة ظاهرة بيولوجية مشتركة بين الانسان و الحيوان ، بينما ذهب البعض الآخر الى القول بأن اللغة خاصية انسانية بحتة.
فأي الرأيين على صواب يا ترى ؟
أو بصيغة فلسفية أخرى هل اللغة ذات طبيعة مادية مشتركة بين الانسان والحيوان ؟ أم أنها خاصية انسانية بحتة كونها تتميز بالوعي؟
هل اللغة خاصية إنسانية؟ |
يرى أنصار النظرية البيولوجية من بينهم رائد المدرسة اللسانية القديمة افلاطون و العالم النمساوي فون فريتش اضافة الى المفكر االروسي بافلوف و أنصار المدرسة السلوكية على رأسهم عالم النفس الأمريكي جون واطسن و مواطنه ادوارد ـثروندايك ،ان للحيوان لغة تماثل لغة الانسان لكننا فقط لا نفهمها، اي أن اللغة ليست خاصية انسانية و لا تحتاج الى العقل و الوعي حتى تتكون و انما هي ظاهرة بيولوجية مشتركة بين الانسان والحيوان.
و يستدل أنصار هذه النظرية بحجج وبراهين
تتمثل الحجة الاولى في أن لغة الانسان هي مجرد تقليد لأصوات الطبيعة بما فيها لغة الحيوان ، غير أن هذا الاخير لم يستطع فك رموز لغة الحيوان لا أكثر ، ومثال ذلك أن النحل اذا وجد مكان الطعام فانه يقوم برقصات وحركات دائرية تفهم من خلالها العاملات مكان الطعام و بعده عن الخلية كما ان الببغاء يملك القدر ة على الكلام والتخاطب.
و يستدل أنصار هذه النظرية بحجج وبراهين
تتمثل الحجة الاولى في أن لغة الانسان هي مجرد تقليد لأصوات الطبيعة بما فيها لغة الحيوان ، غير أن هذا الاخير لم يستطع فك رموز لغة الحيوان لا أكثر ، ومثال ذلك أن النحل اذا وجد مكان الطعام فانه يقوم برقصات وحركات دائرية تفهم من خلالها العاملات مكان الطعام و بعده عن الخلية كما ان الببغاء يملك القدر ة على الكلام والتخاطب.
- تتمثل الحجة الثانية في أن الحيوان قادر على التعلم مثله مثل الانسان وهذا التعلم يشمل كل شيئ بما في ذلك اللغة و هذا ما أثببته بافلوف من خلال تجربته على بعض الحيوانات، التي استطاع من خلال تعويدها على تناول الطعام بعد سماع الجرس أن يلاحظ سيلان لعابها فورا بعد سماع الجرس و هو ما يؤكد أن اللغة مكتسبة من خلال التأثيرات الشرطية والطبيعية حسب هذا الأخير.
يبدو رأي النظرية الفيزيولوجية صحيح بالنظر الى ماقدمه من حجج ، لكن يبقى هذا في اطار نسبي فقط فاذا ما اعتبرنا ان للنحل لغة تماثل لغة الانسان فهي ثابتة تفتقر لكثير من الخصائص تعتمد على الرموز و الاشارات بينما لغة الانسان تخاطبية متغيرة ومتعددة فأغراضها تتجاوز البيولوجية.
و على النقيض من ذلك يرى كل من انصار النظرية العقلية من بينهم الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت ، وأنصار المدرسة اللسانية المعاصرة من بينهم الفيلسوف السويسري فرديناند دوسوسير أن
اللغة خاصية انسانية أي أنها و بكونها تتميز بالوعي خاصة بالانسان دون غيره و هي بعيدة بعيدة عن متناول الحيوان.
ولقد استدلوا على اطروحتهم بجموعة من الحجج والبراهين.
تتمثل الحجة الاولي في ان الانسان هو الكائن الوحيد القادر على ترجمة افكاره و مشاعره الى عبارات مفهومة له و لمجتمعه. و في هذا السياق يقول ارسطو "الانسان الكائن الوحيد القادر على ترجمة افكاره و مشاعره الى رموز و عبارات مفهومة له و لمجتمعه"
تتمثل الحجة الثانية في ان اللغة اللغة الانسانية تتميز عن غيرها بمجموعة من الخصائص فهي متنوعة بتنوع المجتمعات و متجدّدة ابداعية اذ انها حركة ديناميكية مستمرة بدات بالحاجة البيولوجية الى الحاجة النفسية الانفعالية. وبهذا الصدد يقول *غوسدروف*: " في تجربة العلماء على الطفل والقرد يتساوى الطفل مع القرد في التعبيرات ، لكن بمجرد ان ينطق الطفل اول كلمة يدخل عالم الانسانية ، ويبقى القرد حبيس حياته البيولوجية".
تتمثل الحجة الثالثة في أن غياب اللغة عند الحيوان راجع الى افتقاره إلى الفكر. فالإنسان مهما بلغ به النقص يستطيع استخدام العلامات للتعبير عن أفكاره، كالصم البكم الذين يخترعون علامات وحركات لهذا الغرض، في حين أن الحيوان مهما بلغ من الكمال لا يستطيع استعمال اللغة فنطق الببغاء مثلا ليس لغة لأنه مجرد تعبير عن انفعال إشراطي . ولهذا قيل "إن ما يدعى لغة حيوانية لا يعدو أن يكون حركات طبيعية"
راي أنصار النظرية صحيح فيما أثبتوه لكن اذا كانت اللغة خاصية انسانية تتميز كونها لفظية تنطق من خلال اصوات، فالببغاء يقوم بنفس العملية واذاكانت مركبة من مجموعة فونيمات و مورفيمات فالآلة الموسيقية تصدر أيضا أصوات وفق نوطات.مما يعني ان اللغة ليست خاصية انسانية.
التركيب (لا تكتب عبارة التركيب في المقابة ، ولننا وضعناها كتوضيح بأننا انتقلنا الى التركيب فقط)
الأصوات ليس لها أي علاقة باللغة فالآلة الموسيقية تصدر أيضا أصوات لكن ليست لغة كما إن الإنسان الأول قبل أن ينشى لنفسه لغة اصدر أصوات للتواصل مقلدا ما في الطبيعة ولم يعرف اللغة الا عندما أنشى الأبجدية و انشئ منها الألفاظ هي الكلمات ثم عبارات.
مما سبق ومن خلال تحليلنا للاشكالية يمكننا القول بأن اللغة ليست مشتركة بين الانسان والحيوان و انما هي خاصية انسانية كونها تحتاج الى الوعي.