هل الأخلاق مصدرها المجتمع؟ -->
U3F1ZWV6ZTQ0NDk0NjAzMzJfQWN0aXZhdGlvbjUwNDA2MjUwMDM3
recent
مواضيع مهمة

هل الأخلاق مصدرها المجتمع؟

هل الأخلاق مصدرها المجتمع؟ 


هل الأخلاق مصدرها المجتمع؟
هل الأخلاق مصدرها المجتمع؟ 


دورة/أتقن مادة الفلسفة/الدرس41/اشكاليتي مصدر و طبيعة الأخلاق/ النظرية الاجتماعية

النظرية الاجتماعية.

يرى أنصار النظرية الاجتماعية من بينهم الفيلسوف الفرنسي "اوغست كونت " في كتابه الفلسفة الوضعية " و الفيلسوف الفرنسي الأخر "أيميل دوركايم " في كتابه " التربية الأخلاقية "أن المجتمع هو مصدر الإلزام الخلقي ، و أساس كل قيمة أخلاقية ، أي أنه الفاصل الوحيد بين ما هو خير وما هو شر، حيث يعتمد عليه الأفراد في تقويم أفعالهم و سلوكاتهم ، فما اتفق عليه المجتمع بأنه خير فهو خير وما اتفق عليه بأنه شر فهو شر بالضرورة.

و بما أن أنصار هذه النظرية اتخذوا من المجتمع معيارا للقيم الأخلاقية ، فهم بذلك يقرون بأن هذه القيم هي ذات طبيعة نسبية لا مطلقة ، فما هو خير في مجتمع ما قد يكون شرا في مجتمع آخر ، كما أنها تعتبر متغيرة تتغير بتغير الزمان و المكان ، فأفكار المجتمع تتطور ، مما يجعل آراءه و قيمه الخلقية أيضا تتغير.

ولقد استندوا إلى المسلمة القائلة بأن القانون الأخلاقي الذي يضعه المجتمع ، سلطة تعلو الجميع ، و هذا لأن الفرد لا يعيش لذاته و لا في عزلة عن الغير ، بل ان أفعاله تؤثر في أفراد مجتمعه ، كما يتأثر هو بأفعالهم.

و لقد استدلوا على أطروحتهم الفلسفية الأخلاقية بحجج و براهين

تتمثل الحجة الأولى في اختلاف القيم الأخلاقية من مجتمع لآخر ، فما هو خير في مجتمع ما قد يكون شرا في مجتمع آخر ، فشرب الخمر مثلا في المجتمعات الغربية لا يعتبر شرا ، بينما يعتبر شرا في المجتمعات الاسلامية ، و هنا يقول " أوغست كونت " " إن القانون الأخلاقي تجد تطبيقه الدقيق في العلاقات المحددة التي يقرها المجتمع المدني بين الناس ، أي الحقوق والواجبات المتبادلة بين الأفراد"

* الحجة الثانية الثانية تتمثل في أن الفرد يبدأ باكتساب المعايير التي يقيّم بها أفعاله و يحكم من خلالها على أفعال الآخرين ابتداء من ارتباطه بجماعة ما ، وبقدر ما كان هذا الارتباط وثيقا بقدر ما كان التشبع بالقيم الأخلاقية قويا لديه ، لأن هذا الاحتكاك يعلمه القانون الجمعوي ويجعله يلجأ إليه في تقويم أفعاله وسلوكاته ، فالذي لا يرتبط بالعروة الوثقى للجماعة لا يمكنه أن يكوّن لنفسه مرجعا أخلاقيا، ولن تكون له أي قيم أخلاقية ، لا بل لا يمكن و صفه حتى بالكائن الأخلاقي ، وهنا يدعم دوركايم قائلا " إن الإنسان لم يصبح موجودا أخلاقيا إلا لأنه استطاع أن يعيش في جماعة ، ولو أننا نجحنا في القضاء على الحياة الاجتماعية ، لقضينا في الوقت نفسه على الحياة الخلقية، لأنها عندئذ ستكون غير ذات موضوع


* تتمثل الحجة الثالثة في أن الفرد مدني ، يعيش في في وسط يتعهد بالتربية والتعليم ، فينمي في هذا الوسط استعداداته الفطرية ، ودوافعه النفسية و ملكاته العقلية ، لذلك ينشأ الفرد مدينا للجماعة بكل شيئ ، وما عليه سوى أن يمتثل لنظمها و تقاليدها ، فالطفل في بداية حياته يتلقى أفكاره من الأسرة ، ثم المدرسة ثم المجتمع ، ولهذا فإنه لا يستطيع أن يخالف ما تعلمه طيلة حياته ، و هنا يقول دوركايم كذلك " هناك صفة عامة نلاحظها في الأفعال التي نسميها أخلاقية ، وهي أن جميعها تخضع لقواعد ثابتة أصطلح عليها المجتع"


* تتمثل الحجة الرابعة في الطابع الإلزامي الذي تتميز به القيم الأخلاقية ، ويتضح ذلك من خلال معاقبة الجماعة للفرد في حال مخالفته لأوامرها ، والقيمة الأخلاقية التي تتضمن القابلية و الإلزام من طرف المجتمع تستمد مشروعيتها منه لا شك، و بهذا الصدد يدعم "دوركايم " قائلا " يجب ألا نتصور الأخلاق على أنها صيغة عامة وفضفاضة تتحد و تتميز كلما دعت الضرورة إلى ذلك ، فإنها على العكس من ذلك مجموعة من القواعد المحددة ، يمكن تشبيهها بالقوالب التي نصب فيها سلوكا فيتحدد و يتخذ شكله الخاص ، وهذه القواعد موجودة دائما من حولنا وتعمل في محيطنا الاجتماعي، و من مجموعها تتألف الأخلاق في شكلها الحسي "

كما يقول " حينما نفكر قصد أن نعرف كيف ينبغي أن نتصرف نحس بأن هناك صوتا يعلونا و ينطق بقوله هاهو ذا واجبك ، ولكن حينما لا نمتثل لهذا الواجب ، فالصوت يعود من جديد و لكن في هذه المرة ليعترض طريقنا "
تتمثل الحجة الخامسة في أن الفرد و في ممارسته لتصرفاته و سلوكاته ، يحاول دائما اتباع السلوكات التي يحبها المجتمع و يتجنب السلوكات التي ينبذها ، وذلك ليس خوفا من مجتمعه فقط ، وإنما أيضا لأن الضمير الجماعي هو الذي يحرك هذه السلوكات في الأفراد ، ولهذا يقول "دوركايم" حين يتكلم ضميرنا فإن المجتمع هو الذي يتكلم فينا "
كما يقول " لم يعد يكفي من اجل أن يكون سلوكنا أخلاقيا أن نحترم النظام و أن نتعلق بجماعته ، بل لا بد أيضا أن يكون لدينا في طاعتنا للقاعدة وفي ولاءنا ، مثال جماعي أعلى وأوضح، وأكمل، ادراك ممكن لأسباب سلوكنا"

وهو ما ذهب إليه كونت" حين يقول " انك إذا قررت هذه العواطف الغيرية ظهرت الأخلاق ، و إذا انتزعتها اختفت الأخلاق"

النقد

رأي أنصار النظرية صحيح فيما يثبتونه لكن يبقى هذا في إطار نسبي فقط ، فأنصار هذه النظرية و بالرغم من عرضهم للقيم الاخلاقية التي تختلف من مجتمع آخر إلا أنهم لم يفسرو تللك القيم المشتركة بين كل المجتمعات ، كقتل النفس مثلا الذي يعتبر شرا في كل المجتمعات.
كما أن الفرد ليس آلة يسيرها المجتمع كما يعتقد أنصار المذهب الاجتماعي ، بل هو انسان قبل كل شيئ له طموحاته الخاصة و اراءه و افكاره التي قد تكون مختلفة عن مجتمعه..
وكذلك ليس كل ما يأمر به المجتمع خير بالضرورة ، فأحيانا يتفق أفراد مجتمع ما، على أفعال قبيحة ، وقد ذكر لنا القران الكريم العديد من قصص المجتمعات الفاسقة التي اجتمعت على الرذيلة ، كقوم سيدنا لوط و قوم سيدنا نوح عليهما السلام.

 يمكنك تحميل الدرس كاملا من خلال الرابط:


تحميل

                                                          أو يمكنك مشاهدة الدرس عبر الفيديو
                 

الاسمبريد إلكترونيرسالة