هل الأخلاق مصدرها العقل؟ -->
U3F1ZWV6ZTQ0NDk0NjAzMzJfQWN0aXZhdGlvbjUwNDA2MjUwMDM3
recent
مواضيع مهمة

هل الأخلاق مصدرها العقل؟

هل الأخلاق مصدرها العقل؟ 


هل الأخلاق مصدرها العقل؟
النظرية العقلية

دورة/أتقن مادة الفلسفة/الدرس40/اشكاليتي مصدر و طبيعة الأخلاق/ النظرية العقلية

النظرية العقلية.

يرى أنصار النظرية العقلية من بينهم الفيلسوف اليوناني "أفلاطون" في كتابيه "الجمهورية" و"فيليب" و الفيلسوف الفرنسي أبو الفلسفة الحديثة "روني ديكارت" في كتابه "تأملات ميتافيزيقية في الفلسفة الأولى" و الفيلسوف الألماني المثالي" امانويل كانط" في كتابه "أسس ميتافيزيقيا الأخلاق "، وكذا فرقة المعتزلة على رأسهم "واصل بن عطاء"

ان العقل هو اساس كل قيمة اخلاقية
اي انه الفاصل الوحيد بين ما هو خير و ما هو شر، اذ يعتمد عليه الإنسان في تقويم أفعاله و سلوكاته، ويلجأ إليه قبل الحكم على أي سلوك أو عمل أخلاقي خيرا كان أم شرا.

وبما أن أنصار هذه النظرية جعلوا من العقل معيارا للقيمة الخلقية، فقد أقروا بذلك أنها ثابتة لا تتغير بتغير الزمان و المكان، فالعقل البشري واحد، كما أنها مطلقة كونها نابعة من مصادر عامة و يقينية وهي مبادئ العقل،وهي كذلك موضوعية لأنها تعتمد على العقل دون النظر إلى أي منفعة أو مصلحة ذاتية.

ولقد استندوا إلى المسلمة القائلة بوجود قوة فطرية داخل الإنسان، يهتدي من خلالها لمعرفة الخير من الشر،وهذه القوة هي قوة العقل.

ولقد استدلو على أطروحتهم الفلسفية الاخلاقية بحجج و براهين .


تتمثل الحجة الأولى في أن العقل هو القاسم المشترك بين جميع البشر، وانه اعدل قيمة بين الناس، لهذا فهو المصدر الوحيد القادر على تشريع وسن مختلف القواعد التي تضع و تصنع القوانين الاخلاقية، التي ينصب فيها كل سلوك، فان كان هذا الأخير أي السلوك مناسبا لها، أي للقوانين الأخلاقية فهو خير، وان كان منافيا لها فهو شر.

وفي هذا السياق يقول ديكارت " ثم اعرف بخبرتي الشخصية ان الله قد وهبني ملكة من خصائصها ان تحلم او ان تميز بين الصائب و الخطأ".

كما يقول كانط "أليس أدنى للصواب إذن أن نقف في الأمور الأخلاقية عند حكم العقل المشترك "

الحجة الثانية تتمثل في أن الإنسان له إرادة خيرة في القيام بالفعل الأخلاقي، والذي يظهر بدوره للإرادة في صورة أوامر مطلقة،وهذه الأوامر تنبع من العقل العملي وتتعارض مع كل الأهواء و الميول الحسية، ولهذا فالإرادة الخيرة للإنسان خيرة ليست لأنها وسيلة لتحقيق المصالح و المنافع الحسية، بل لانها غاية في حد ذاتها و لانها تتوافق مع العقل و مبادئه ، فليكون الفعل خيرا لابد ان يكون صادرا عن تقدير عقلي للواجب .

وبهذا الصدد يصرح كانط قائلا "الفعل الذي يتم عن إحساس بالواجب لا يستمد قيمته الأخلاقية من الهدف الذي يرجى بلوغه من وراءه ، بل من المسلمة التي تقرر القيام وفقا لها ، فهي لا تتوقف على واقعية موضوع الفعل، بل تعتمد فحسب على مبدأ الإرادة الذي حدث الفعل بمقتضاه، بصرف النظر عن كل موضوعات الاجتهاد

تتمثل الحجة الثالثة وهي من حجج المعتزلة في ان العقل هو الذي يدرك قيمة الأفعال فهو الذي يدرك قبح الفعل من حسنه

اما الشرع فهو مخبر فقط عن هذه القيم، ولو كان هناك شيئ في الشرع يعارض العقل فهذا الشرع باطل،فالحسن و القبح صفتان ذاتيتان للحسن و القبح، و الصفات كلها تدرك بالعقل سواء اخبرنا عنها الشرع ام لا، فالناس قبل ورود الشرائع السماوية كانو يهتدون في حل مشكلاتهم الأخلاقية الى العقل،فكانوا يستحسنون العدل و الوفاء و الكرم و الشجاعة، ويستقبحون الظلم و الخيانة و البخل و الجبن.

و هنا يقول أحد أنصار المعتزلة "المعارف كلها معقولة بالعقل،واجبة بنظر العقل،وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع،و الحسن و القبح صفتان ذاتيتان للحسن و القبح"

كما استدل أنصار فرقة المعتزلة بحجة أخرى و هي ان الله عزوجل بيّن ان الخير و الشر صفتان ذاتيتان للخير و الشر، وان الصفتان ثابتتان في عقول الإنسان، و انه عزوجل يبعث الرسل والانبياء حتى يخبروا الناس باتباع الخير وترك الشر حيث قال في كتابه العزيز

"يامرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر " فالمعروف الذي يامرهم به هو ماتراه العقول حسنا و المنكر الذي ينهاهم عنه هو ماتراه العقول قبحا، ولهذا فان الانسان يحاسب على افعاله سواء زامن الشرع ام لا، فان زامن الشرع كان عليه يوم القيامة، وان لم يزامنه كان العقل حجة عليه ، هذا قول المعتزلة بالطبع .

وهنا يقول المعتزلة في المكلف قبل ورود السمع "انه يجب عليه ان يعرف الله تعالى بالدليل من غير ناظر ، وان قصر في المعرفة استوجب العقوبة ابدا ويعلم ايضا حسن الحسن و قبح القبح فيجب عليه الاقدام على الحسن كالصدق و العدل و الإعراض عن القبح كالكذب و الجور.

النقد

رأي أنصار هذه النظرية صحيح من خلال ما قدموه من حجج ، لكن ومع ذلك يبقى ذلك في إطار نسبي فقط .

اختلاف القيم الأخلاقية من مجتمع إلى آخر يفسر وجود واجب اخر غير العقل وهو الواجب الاجتماعي.

كما أن المثالية التي غازلها كانط لا يمكن تطبيقها على ارض الواقع فمن غير الممكن ان نفعل الخير من اجل الخير فقط، ولهذا قيل عنه "يدا كانط نقيتان لكنه لا يملك يدان أصلا".

و كذلك من غير المعقول أنه يمكن لكل فرد أن يقيم الصواب و الخطأ، كما يمليه عقله وضميره وان يعممه على باقي الأفراد فليس من الصواب الانطواء على الذات وتقييم الأفعال بصفة فردية .
أما قول المعتزلة بأن الشرع مخبر عن الصفات لا اكثر وان الانسان يحاسب على عقله سواء نزل عليه الشرع أم لا ، فيه مخالفة لقوله عز وجل في كتابه العزيز "رسلا مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل"



 يمكنك تحميل الدرس كاملا من خلال الرابط:

          
                                                أو يمكنك مشاهدة الدرس عبر الفيديو:

       



الاسمبريد إلكترونيرسالة