بحث حول الأرطوفونيا بالمراجع -->
U3F1ZWV6ZTQ0NDk0NjAzMzJfQWN0aXZhdGlvbjUwNDA2MjUwMDM3
recent
مواضيع مهمة

بحث حول الأرطوفونيا بالمراجع

 بحث حول الأرطوفونيا بالمراجع

بحث حول الأرطوفونيا بالمراجع


1. ماهية الأرطفونيا و نشأتها

سنقوم في هذا العنصر عرض أهم النعريفات المقدمة لعلم الأرطفونيا و كذا البدايات الأولى في مختلف البلدان.

1.1. ماهية الأرطفونيا

مفهوم الأرطفونيا :

تعددت تعريفات الأرطفونيا نذكر أهمها في :

1-1 تعريف Stéphanie Caët.2019 :الدراسة العلمية للغة و اضطراباتها.و نجد الباحثة قدر ركزت في تعريفها على تحديد منهج و مجال الأرطفونيا و المتمثل في الاضطرابات اللغوية بجميع أشكالها.

2-1 حسب Gilles REVAUX و Danielle NEDJAR فالأرطفونيا تهتم بالتكفل باضطرابات التواصل اللفظي و غير اللفظي قد تكون بسيطة أو معقدة كما قد تظهر لدى الأفراد من جميع الفئات العمرية.(Danielle NEDJAR.Gilles REVAUX.2004.2).

3-1 تعريف يزيد حداد( yazid haddad (2011: تهدف الأرطقونيا إلى تصحيح الاضطرابات التي تمس الصوت و النطق و الكلام و اللغة(. yazid haddad .2011)بنوعيها المنطوقة و المكتوبة،و ووجهيها الفهم و التعبير.

4-1تعريف محمد حولة (2012) :علم الأرطوفونيا هو ذلك العلم الذي يتناول الدراسة العلمية للاتصال اللغوي وغير اللغوي في مختلف أشكاله العادية والمرضية تهدف إلى التكفل بمشاكل الاتصال بصفة عامة واضطرابات الكلام واللغة بصفة خاصة وهذا كل من عند الطفل والراشد على السواء كما تهتم كذلك بكيفية اكتساب اللغة والعوامل المتدخلة في ذلك وتلعب دورا في التنبؤ والوقاية من الاضطرابات اللغوية (محمد حولة.2012.13) في هذا التعريف حدد محمد حولة ميدان الأرطفونيا و قد وسع ميدانها ليصبح ميدان التواصل بجميع أشكاله اللفظية و غير اللفظية و كذا الفئة التي يتكفل بها المختص الأرطفوني :ما حدد أدوارها في الواقع.

5-1 تعريف قاموس الأرطفونيا (2011):هي تخصص شبه طبي يهتم بالوقاية والكشف و تقييم و تشخيص ومعالجة اضطرابات الصوت والكلام و اللغة الشفهية و المكتوية بوجهيها التعبير و الفهم ،و التواصل اللفظي و الكتابي ،و اضطرابات البلع ،لدى الأفراد من جميع الفئات العمرية .(F.Brin-Henry.C.Courrier.E.Lederlé .V.Masy.2011.198)

1.2. نشأتها:

لقد ظهرت البدايات الأولى للتكفل باضطرابات اللغوية في الميدان الصحي ،بحيث نجد و حسب التراث العلمي أن مصطلح الأرطفونيا ظهر على يد الدكتور كلومباDr Marc Colombat (1797-1851) ،حيث و في سنة 1829 قام بفتح معهد للأرطفونيا بباريس ،كان الهدف منه التكفل بحالات التأتأة أو ما يسمى كذلك بعيوب الكلام ،و في نفس الوقت و ببلجيكا ،كان الباحث Malebouche يجرب تقنية للتكفل بالتأتأة للعالمة Leigh من نيويورك و قد توالت بعد ذلك الاضطرابات اللغوية التي ظهرت في مختلف المستشفيات.ما استوجب على الأطباء و العلماء البحث حول طرق علاجها و التكفل بها

لكن البدايات الأولى لعلم الأرطفونيا كان عند نهاية القرن 19 و بالضبط بعد الحرب العالمية الثانية حيث تطورت متبعتا في ذبك منحى العديد من التخصصات العلمية و ذلك بمساهمة العديد من الشخصيات و العلماء،كما ارتبط ظهور الأرطفونيا بظهور الأبحاث الطبية حول اللغة و أساسها العصبي و بصورة خاصة مع أبحاث الطبيب الفرنسي بول بروكا الذي توصل إلى تحديد منطقة الأداء الحركي و ذلك في التلفيف الثالث من الفص الجبي في نصف الكرة المخي الأيسر و كذا ورنيكي الذي بين أن منطقة الاحساس أو الفهم اللغوي في التلفيف الثاني من الفص الصدغي لنصف الكرة المخي الأيسر.

قد تزايد الاهتمام بالارطفونيا على يد مجموعة من العلماء.ففي فرنسا ظهرت الأرطفونيا على يد بورال ميزوني و هي مختصة في النحو و اللغة الفرنسية و هذا خلال عملها مع الطبيب المختص بجراحة أنف أذن حنجرة Veau من خلال تكفلها بحالات الشقوق الشفهية الحنكية بعد اجراء العملية الجراحية ،حيث كانت تقوم بملاحظة السلوك اللغوي و الصوتي لهذه الحالات محاولة تصحيحه و اكسابهم اللغة بطريقة سليمة ،بعدها وسعت مجال اهتماماتها و ملاحظاتها ليشمل الأطفال الذين يعانون اضطرابات النطق التأتأة ،اللغة و كذا التواصل لتشمل بذلك الأرطفونيا اضطرابات التواصل ،أولى التكوينات بفرنسا كانت سنة 1955 و هذا بكلية الطب ليتم اعتمادها رسميا سنة 1964 و يتحصل الطلاب فيها على شهادة الكفاءة الأرطفونية CCO و ذلك بعد 04 سنوات من التكوين كتخصص شبه طبي. ليتم انشاء الفدرالية الوطنية للمختصين الأرطفونيين و التي يصدر عنها مجلة "التكفل الأرطفوني" سنة 1962 ،و في سنة 1981 و بدعم من G.Dubois و M.Lindenfeld تم تأسيس جمعية المعالجين اللغة و التواصل ATHELEC ،و بعدها تم تأسيس الاتحاد الوطني لتطوير البحث في الأرطفونيا UNADRED و التي يصدر عنها مجلة Glossa سنة 1986.هذا بالنسبة لفرنسا .

أما سويسرا ،فقد كانت أولى التكوينات في الأرطفونيا –اللوغوبيديا سنة 1960 وذلك بجامعتي Neuchatel و Genève .ففي سنة 1963 و بفضل الطبيب المختص في أمراض أنف اذن حنجرة Dr Terrier و زملائه تم اعتماد تكوين في جامعة نيوشاتل بكلية الأداب ،و في ذلك الوقت يمنح التكوين شهادة الدراسات العليا في الأرطفونيا ،بعدها و في سنة 2009 أصبحت الجامعة تمنح ديبلوم في الأرطفونيا –اللوغوبيديا و ذلك بعد 04 سنوات من التكوين.حاليا تمتد فترة التكوين 05 سنوات ليتحصل بعدها الطالب على شهادة ماجستير في اللوغوبيديا بعد حصولهم على بكالوريوس في الأداب و العلوم الإنسانية.أما في جنيف فقد بدأ التكوين في اللوغوبيديا سنة 1964 في معهد علوم التربية الذي أصبح في سنة 1975 كلية علم النفس و علوم التربية ،،تمنح جامعة جنيف حتى سنة 2006 ديبلوم مابعد-ليساس في اللوغوبيديا بعد 05 سنوات من التكوين ،حاليا يمكن الحصول على ماجستير في اللوغوبيديا و ذلك بعد الحصول على بكالوريوس في علم النفس.

بالنسبة لبلجيكا ،فيرجع الفضل إلى Maria Mussafia(1899-1985) لظهور الأرطفونيا ،حيث و بعد اصابتها باضطرابات في الصوت :كان عليها الاتصال بالطبيب المختص في الصوت Emil Froschel بفينا ،لتصبح بعدها تلميذة لديه تهتم بالتكفل بالحالات التي تعاني من اضطرابات الصوت و الكلام و اللغة ،لتنظم سنة 1951 أول تكوين حول اللوغوبيديا.و في سنة 1953 أسست Jardinet-Peas في Liège على مستوى عيادة طب أنف أذن حنجرة للطبيب Destree جناح لاعادة التربية للاضطرابات اللغوية . و منذ 1965 يمكن للطالب الحصول على شهادة في اللوغوبيديا في اطار التعليم العالي الخاص (اللا -جامعي) أو ليسانس في اللوغوبيديا من جامعة Louvain –la-Neuve و Liège . ومنذ 2006 تمنح الجامعات شهادة الماستر بعد 5 سنوات من التكوين و شهادة باكالريوس من المدارس العليا بعد 03 سنوات من التكوين.

أما لوكسونبورغ فقد تم الاعتماد على مهنة المختص الأرطفوني في القانون 18 نوفمبر 1976 و أول حق الممارسة كان سنة 1972 مع انعدام التكوين فيها ،بحيث يتكون الطلبة بفرنسا أو بلجيكا.

الارطفونيا في الجزائر: بدأت دراسة الأرطفونيا في الجزائر مع نهاية السبعينيات حيث أنهت الدكتورة نصيرة زلال دراسة المستشفيات والجامعات الفرنسية ودخلت الجزائر لتدرس بجامعتها منذ السنة الجامعية 79-80. منذ تلك الفترة بدأت الأرطفونيا تأخذ مكانتها فتخرجت عدة دفعات ليسانس وفي سنة 1987 فتحت دراسات ما بعد التدرج (ماجستير), كما شرع في أول مشروع بحث في الأرطفونيا في معهد علم النفس بجامعة الجزائر,الذي ساعد في ظهور: الجمعية الجزائرية للأرطفونيا (SAOR) والاتفاق بين جامعة الجزائر وجامعة تولوز تحت رقم (91 MDU177).

أما تكوين الأرطفونيين في الجزائر فهي تابعة لأقسام علم النفس وعلوم التربية والأرطفونيا وتدرس في الجزائر العاصمة ووهران وسطيف منذ السنة الثانية جامعي وتسلم شهادة الليسانس في الأرطفونيا بعد أربع سنوات دراسة في الجامعة ،سنة واحدة جذع مشترك وثلاث سنوات تخصص وفق النظام القديم ،حاليا فهي تدرس كمقياس سداسي "مدخل إلى الأرطفونيا" لكافة طلبة سنة أولى علوم اجتماعية ويكون التخصص في السنة الثانية.و هي تدرس بأغلب الجامعات بالجزائر

2. اختصاصات الأرطفونيا


توجد أربع اختصاصات في الأرطفونيا وهي:

2.1. علم النفس العصبي


و هو العلم الذي يعالج الوظائف المعرفية العليا ،و علاقتها بالأبنية العصبية ،و من بين الوظائف الذهنية العليا نجد اللغة ،و مع أعمال الطبيب الفرنسي بول بروكا سمحت لنا بتحديد مناطق عصبية مسؤولة عن اللغة(F.Brin et al .2011.190) ،هذا ما مهد لبقية العلماء البحث عن أهم المناطق المتدخلة في الانتاج و الفهم اللغوي و كذا الأليات المتدخلة في ذلك باعتبار أن اللغة سيرورة معقدة تتدخل فيها مجموعة من الوظائف المعرفية هي الأخرى تستلزم نشاط وتوضيف عصبي جد منسق و منسجم .و بهذا فأي اصابة قد تمس الجهاز العصبي قد تؤثر بشكل أو بأخر في اللغة أو التواصل بصفة عامة.ومن بين هذه الاضطرابات اللغوية ذات المنشأ العصبي نجد الحبسة ،الديزرتريا ،العرض الجبهي ...الاضطرابات التطورية كالزهايمر و البركينسون ،و اضطرابات التعلم النمائية كالديسفازيا ..و الاضطرابات النمائية الشاملة كالتوحد.

2.2. اضطرابات النطق واللغة


ويعني هنا بدراسة اضطرابات النطق واللغة بنوعيها المنطوقة والمكتوبة و بوجهيها الفهم و التعبير ،و قد تختلف أسبابها من أسباب وظيفية تمس وظيفة الأجهزة المتدخلة في اللانتاج و الفهم اللغوي أو عضوية تصيب هذه الاجهزة و من أهم هذه الاضطرابات نجد الرينولاليا ،اللثغات ،تأخر الكلام ،ـاخر اللغة البسيط ...

2.3. الصمم


يهتم هذا التخصص بجميع أنواع الاعاقات السمعية و ما يترتب عنها من مشاكل و اضطرابات لغوية ،كما تبحث في طرق التكفل بحالات الصمم العميق ،وكذا حالات الاعاقة السمعية المجهزين بالمعينات و كذا حالات حاملي الزرع القوقعي ،من أجل تعليمهم اللغة المنطوقة و محاولة ادماجهم في عالم الصوت .

2.4. فحص الأصوات


ويلم هذا التخصص بدراسة الصوت واضطراباته (F.Brin et al .2011..2013) و من أهم الاضطرابات الصوتية التي يتكفل بها المختص الأرطفوني نجد DYsphonie أو البحة الصوتية و فقدان الصوت التام ،و يعتمد المختص بعدة أدوات و تقنيات للتكفل بهذه الحالات .
علاقة الأرطوفونيا بالعلوم الأخرى

كما يظهر من تطور الارطوفونيا في العالم وفي الجزائر فالمفاهيم اللسانية والطبية والسيكولوجية تشكل الإطار الأساسي النظري والتقني للارطوفونيا، حيث تتأسس الوظيفة اللغوية على دعائم فيزيولوجية تشريحية نفسية اجتماعية لسانية وحتى بيداغوجية والتي تشكل في ذاتها موضوعات لميادين علمية مستقلة، فالارطوفونيا علم متعدد التخصصات يعتمد على هذه الميادين والعلوم ليستمد منها المعارف النظرية والتقنيات التطبيقية.

1- العلوم الطبية:


تهتم الارطوفونيا أساسا بدراسة الاضطرابات اللغوية المختلفة وقبل الوصول إلى تشخيصها وعلاجها لابد من معرفة أسبابها والتي قد تكون عضوية المنشأ وبهذا فلابد من دراسة تشريح وفيزيولوجية الأجهزة والأعضاء المسؤولة عن إنتاج اللغة في جسم الإنسان، وأهم هذه الأجهزة الجهاز النطقي والجهاز السمعي والجهاز العصبي.

تعتمد الارطوفونيا على الطب في بعض تخصصاته مثل:

- الطب العقلي والطب العصبي: والتي تزود الارطوفونيا بمعلومات عن مختلف الأمراض العقلية والعصبية والاضطرابات اللغوية الناتجة عنها أو المصاحبة لها.

- طب الأذن الأنف الحنجرة: والذي يعطي معلومات عن حاسة السمع وكذا الصوت واضطراباتهما.

2- علم النفس:


تعتمد الارطوفونيا على علم النفس في مستويين هما التنظير والتطبيق، نقصد بالتنظير مجموع النظريات والمدارس والأفكار المرتبطة بالسلوك اللغوي، أما التطبيق فيتمثل في مجموع أدوات البحث والتكفل من تشخيص وإعادة تربية الاضطرابات اللغوية.

وأهم فروع علم النفس المتدخلة في الارطوفونيا نجد:

- علم النفس العيادي: يمدنا بمعطيات حول سيكولوجية الأفراد الأسوياء والمرضى.

- علم النفس المعرفي: يقدم معلومات هامة عن العمليات العقلية والمعرفية المتدخلة في إنتاج وفهم اللغة.

- علم النفس اللغوي: يقدم معلومات حول اللغة وكيفية توظيفها من طرف الأفراد في الحالة الطبيعية.

- علم النفس العصبي: يجمع بين ما هو نفسي وعصبي وبالتالي يفسر الأسباب النفسية العصبية لبعض الاضطرابات اللغوية.

3- اللسانيات:


اللسانيات هو علم اللغة حيث تدرس اللغة بمختلف مستوياتها الصوتية والفونولوجية والدلالية فهي تساهم في فهم طبيعة اللغة وتوظيفها من طرف الإنسان في الحالات الطبيعية مما يساعد على فهم المظاهر المرضية للسلوك اللغوي. وعلى اعتبار أن الارطوفونيا تهتم بالاضطرابات الخاصة بالاتصال واللغة تصبح اللسانيات علم ضروري يعتمد عليه الارطوفوني في تشخيص وإعادة تربية هذه الاضطرابات.

ومن أهم تخصصات اللسانيات التي لها علاقة مباشرة بالارطوفونيا نجد:

- الفونيتيك (phonétique): يهتم هذا الفرع بدراسة الأصوات من الناحية الفيزيائية أي دراسة الخصائص الفيزيائية للصوت (الطابع، الشدة، والإيقاع) دون الاهتمام بوظيفتها في اللغة، وهي أيضا وصفية تصنيفية.

- الفونولوجيا (phonologie): تدرس الفونولوجيا وظيفة أو عمل أو ميكانيزمات الأصوات في لغة معينة.

4- علم الاجتماع:


للوسط الذي يعيش فيه الفرد دورا هاما في تنشئته، كما أن نمط العيش ونوع التربية يؤثران على هذه التنشئة. فالممارسة الارطوفونية تحتاج إلى دراية بالجانب الاجتماعي والثقافي للمفحوص، مع الاستعانة بأهم مؤسستين اجتماعيتين في عملية التكفل الارطوفوني ألا وهما الأسرة والمدرسة.

5- البيداغوجيا:


هي علم تدريس المادة التربوية ويبدو دور الارطوفونيا كبير في المجال البيداغوجي خاصة في تشخيص وإعادة تربية الأطفال المتمدرسين والذين يعانون من مشاكل في اللغة الشفوية والمكتوبة مما يعيق تقدمهم الدراسي.

يتضح لنا من خلال الطرح السابق أن هذه العلوم تشكل إطارا مرجعيا للارطوفونيا كونها توفر لها مجموعة من الأسس النظرية والأدوات التطبيقية، والتي تسمح لها بتفسير وتحديد وتصنيف وعلاج الاضطرابات اللغوية المختلفة.


ميادين ومجالات الأرطوفونيا



تمارس الأرطوفونيا ضمن خمسة ميادين أساسية هي:

1- ميدان فحص اللغة الشفوية والمكتوبة:


وهو الميدان الذي يعنى بدراسة اللغة بقسميها الشفوية والمكتوبة، ومنه تشخيص وإعادة تربية الاضطرابات التي تمسها، ويمكن تلخيص هذه الاضطرابات فيما يلي:

1-1- اضطرابات اللغة الشفوية:


وتحتوي على اضطرابات النطق (عضوية ووظيفية) واضطرابات الكلام (تأخر الكلام والتأتأة) وتأخر اللغة (تأخر اللغة البسيط والحاد):

- اضطرابات النطق:


هو اضطراب يمس مخارج الحروف فإما أن تكون المخارج في حد ذاتها تحمل خللا مثل شق الحنك -شقوق على مستوى الشفاه- تشوه شكل اللسان أو ارتباطه بأسفل الفم عن طريق نسيج، كبر أو صغر حجم اللسان، تشوه الأسنان أو غيابها، وهذا ما يسمى باضطراب نطقي عضوي. أو من خلال خطأ في استعمال مخارج الحروف، وهذا ما يسمى باضطراب نطقي وظيفي. يظهر الاضطراب النطقي سواء كان عضويا أو وظيفيا في تشويه بعض الأصوات اللغوية أو استبدالها بأصوات تشبهها في الصفة والمخرج.

- تأخر الكلام:


يعتبر تأخر الكلام اضطرابا لغويا وظيفيا يظهر في تركيب وتسلسل الأصوات اللغوية داخل الكلمة (نطق الحرف معزولا يكون سليما)، ويظهر على أشكال إما القلب، الحذف، التعويض أو الإضافة، إذ أن الطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب يحافظ على كلام الطفل الصغير بالرغم من سنه المتقدم.

- تأخر اللغة البسيط:


هو افتقار شديد في اللغة، بحيث في عمر معين نجد أن الطفل ليس لديه مفردات كثيرة للتعبير فيلجأ إلى مفردات قليلة وبسيطة والى الإشارات كي يحاول توصيل ما يريده للآخرين وإذا اختبرنا جميع المكتسبات الأولية للطفل نجدها مضطربة أو غير مكتسبة تماما، والمتمثلة في الجانبية، الصورة الجسمية، التوجه الزماني والمكاني، وهو اضطراب لغوي وظيفي وليس عضوي ويمكن أن يظهر ابتداء من سن 3 سنوات.

- تأخر اللغة الحاد أو الديسفازيا:


وهي أكبر نوع من الاضطرابات العميقة للنمو اللغوي عند الأطفال التي لا تكون نتيجة لسبب عضوي معروف وتظهر في شكل اضطراب في تنظيم الكلام الذي لا يبنى على أساس يشبه الكلام العادي حيث يعيش الطفل في مجال لغوي خاص به، ومن أهم أعراضها: اضطراب حركي فمي نطقي وتعبير جد فقير، اضطراب إدراكي سمعي، اضطراب في مفاهيم الزمن والفضاء والمقارنة والتسلسل.

- التأتأة:


هو اضطراب مجرى الكلام مرتبط كثيرا بالحالات النفسية للمريض نجده كثيرا بين 3 و4 سنوات يمكن أن يزول وتسمى هنا بالتأتأة الفيزيولوجية، وقد تصبح مرضية عند السنة السادسة أي سن التمدرس، والسببها الرئيسي علائقي (علاقة الحالة بمحيطها الاجتماعي).

1-2- اضطرابات اللغة المكتوبة:


وهي اضطرابات تسمى أيضا بصعوبات التعلم الأكاديمي:

- عسر القراءة:


عسر القراءة هو عبارة عن صعوبة غير عادية في القراءة بدون أي خلل عضوي، فتتميز قراءة المصاب بالبطء والتكرار والتشويه وعدم فهم ما يقرأ، رغم التقدم في السنوات الدراسية. يمكن تشخيصه عند التلميذ المتمدرس ابتداء من سن 9 سنوات فما فوق.

- عسر الكتابة:


عسر الكتابة هو عبارة عن صعوبة غير عادية في الكتابة والإملاء بدون وجود أي خلل عضوي، فكتابة المصاب لا تتناسب مع سنه ولا مع صفه الدراسي، يشخص ابتداء من سن 9 سنوات فما فوق.

- عسر الحساب:


عسر الحساب هو صعوبة الطفل في القيام بعمليات حسابية بسيطة بالرغم مقارنة بأقرانه، ويشخص ابتداء من سن 9 سنوات فما فوق.




2- ميدان الفحص العصبي:


يتم في هذا الميدان معرفة الجهاز العصبي و مختلف الإصابات التي تستهدفه وتأثيرها على لغة الفرد، ومن الإصابات والأمراض العصبية التي ينتج عنها اضطرابات لغوية نجد أهم اضطراب وهو الحبسة الكلامية، بالإضافة إلى أمراض أخرى مثل الزهايمر والباركينسون.

- الحبسة:


هو اضطراب لغوي عصبي إذ يمس بعض مناطق الجهاز العصبي، سببه في اغلب الأحيان ارتفاع الضغط الدموي الناتج عن بعض الانفعالات والأمراض والذي يؤدي إلي صدمة دماغية وعائية تصيب المناطق المسؤولة عن الكلام والفهم، بالإضافة إلى أسباب أخرى مثل الأورام والحوادث. نجده خاصة عند المتقدمين في السن.

إذا أصيبت المنطقة المسؤولة عن الكلام (التعبير) فهنا يفقد المصاب القدرة على الكلام ويحتفظ بالفهم وتسمى بالحبسة التعبيرية أو حبسة بروكا نسبة لمكتشفها، أما إذا أصيبت المنطقة المسؤولة عن الفهم فيفقد المصاب القدرة على الفهم ويحتفظ بكلام مشوش وتسمى بالحبسة الاستقبالية أو حبسة فرنيكي نسبة لمكتشفها.

3- ميدان فحص السمع:


يهتم هذا الميدان بدراسة حالات فقدان السمع الكلي والجزئي، كما يعمل على تشخيصها والتكفل المبكر بها عن طريق التربية السمعية لحاملي الزرع القوقعي والتجهيز السمعي، مع إعادة تربية الاضطرابات اللغوية الناتجة عن الصمم بأنواعه، وكذا تعليم القراءة الشفوية وتعليم لغة الإشارة.

4- ميدان فحص الصوت:


يخص هذا الميدان دراسة الصوت وخصائصه واضطراباته والتكفل بإعادة تربية المرضى الذين تعرضوا لإصابات وعلل في أصواتهم، فهي اضطرابات تمس خاصة الأوتار الصوتية الموجودة في الحنجرة والسبب يكون إما عضوي أو نفسي أو وظيفي، وهناك أنواع كثيرة من الاضطرابات الصوتية مثل البحة والبكم النفسي وتجهر الصوت لدى الطفل وفقدان الصوت لدى مستأصلي الحنجرة.



5- ميدان الإعاقة الذهنية:


يهتم هذا الميدان بدراسة اللغة، اكتسابها، اضطراباتها، وإعادة تربية هذه الاضطرابات عند المصابين بالإعاقات الذهنية المختلفة كالتأخر الذهني والشلل الدماغي والتوحد ومتلازمة داون.

إن الطفل المعاق ذهنيا يكون قد تعرض إما لالتهاب السحايا أو إصابة دماغية أو لأسباب أخرى مثل زواج الأقارب أو لأسباب تبقى مجهولة، ينتج عنها تأخرا في المكتسبات الذهنية عند الطفل وخاصة الذكاء، كما ينتج تأخر في جميع الوظائف الحسية والحركية والمعرفية مما يؤدي إلى تأخر في اكتساب اللغة وبالتالي اضطرابها. تحتاج الإعاقة الذهنية إلى فريق متعدد الاختصاصات كل يعمل مع الحالة حسب تخصصه، وهم: المختص النفسي، الطبيب المختص، المختص الأرطوفوني، المختص الاجتماعي، المربي، المختص في التأهيل الحركي.


الممارسة الأرطوفونية


الأرطوفونيا علم تطبيقي يمارس في الميدان يهتم أساسا بالاضطرابات اللغوية، وممارسة هذه المهنة تتطلب مجموعة من الشروط والقواعد والقوانين دون أن يتعدى ذلك إلى ميادين أخرى، حيث يعمل المختص الأرطوفوني على إعادة تربية الصوت والكلام واللغة ويتدخل في الميدان التوجيهي والعلاجي والوقائي، كما يهتم بالأطفال والمراهقين والراشدين وكذا المسنين.

1- دور المختص الأرطوفوني:


1-1- أماكن تدخل المختص الأرطوفوني:


يعمل المختص الأرطوفوني بصفة فردية أو جماعية وأحيانا في منزل الشخص الذي يحتاج للتدخل الأرطوفوني وهذا بعد توجيه الطبيب، كذلك يمكن أن يعمل في عيادته الخاصة وفي المستشفيات الحكومية أو المراكز الخاصة بالمعاقين ذهنيا أو سمعيا، كما قد يتدخل الأرطوفوني في إطار التشخيص والبحث عن اضطرابات اللغة في المدارس، وكذلك يمكن أن يشارك في أعمال وأبحاث في ميدانه ويكلف بالتدريس في مختلف المراكز التابعة لهذا الاختصاص.

1-2- الهدف من العمل الارطوفوني:


أولا: تشخيص اضطرابات اللغة والكلام والصوت لمختلف الفئات العمرية.

ثانيا: توجيه المريض حسب الحالة إلى طبيب مختص، نفساني، مساعد اجتماعي أو تربوي.

ثالثا: إعادة تأهيل وتربية الاضطرابات اللغوية.

رابعا: القيام بالأبحاث وبناء الاختبارات واختراع التقنيات الجديدة التي تلعب دورا في عمل المختص الأرطوفوني.

1-3- صفات المختص الأرطوفوني:


يجب أن تتوفر شروط معينة في المختص الأرطوفوني وهي:

- القدرة على الإصغاء.

- التقبل والصبر والمشاركة.

- الموضوعية والصدق.

- الاجتهاد وعدم الاستسلام.

- سرعة البديهة، الانتباه، القدرة على فهم السلوك، والقدرة على المساعدة.

- الإلمام بجميع المعارف الطبية والنفسية والاجتماعية التي لها علاقة بالاضطرابات اللغوية.

- الإلمام بجميع الاضطرابات اللغوية في مختلف المراحل العمرية.

- التقيد بأخلاقيات المهنة.

1-4- أخلاقيات مهنة الأرطوفوني:


يمكن وصفها بشروط الممارسة المهنية والقوانين التي تحكمها وتأطرها أي تعطيها صيغتها القانونية، نلخص الأساسية منها فيما يلي:

- عدم خروج عمل المختص الأرطوفوني عن نطاق تشخيص وإعادة التربية الاضطرابات المتعلقة بالسلوك اللغوي عامة.

- الأخذ بعين الاعتبار استشارة الطبيب والمختص النفساني في حالات معينة مع عدم كتابة وصفة طبية.

- ألا تتجاوز الجلسة الواحدة نصف ساعة إلى الساعة إلا الربع من الوقت إلا في حالات خاصة.

- عدد الجلسات غالبا لا يتعدى الجلسة الواحدة في الأسبوع.

- توفير الظروف الملائمة للممارسة وهي ظروف مكانية (مكان خاص بالفحص)

وظروف زمنية (اختيار وقت ملائم للمريض فلا يكون في نهاية النهار ولا يكون في وقت يرفضه المريض).

- الالتزام بالسرية المهنية.


أدوات الفحص والتشخيص في الارطوفونيا



الأرطفونيا علم وفن وممارسة ولكي تكون هذه الممارسة علمية يعمد الباحث والمختص إلى استعمال أدوات من اجل الفحص والكشف والتقييم، المعترف بها في المجال العلمي ويمكن حصرها فيما يلي:

1- الملاحظة:


هو جهد شخصي يقوم به الأرطفوني بغية جمع أكبر عدد ممكن من المعطيات عن الحالة، والملاحظة نوعان: ملاحظة مباشرة وملاحظة غير مباشرة

- الملاحظة المباشرة: هي تلك التي يجريها المختص الأرطوفوني بنفسه عندما يلتقي بالمريض لقاء مباشرا.

- الملاحظة غير مباشرة: هي تلك المعطيات التي يجمعها المختص الأرطوفوني عن المريض بطريقة غير مباشرة، ومن الطرق التي يستعملها الأرطوفوني في الملاحظة غير المباشرة:

- إجراء لقاء وحوار مع أولياء الطفل أو أهل المريض إن كان راشدا.

- إجراء لقاء أو حوار مع معلم الطفل وزملائه إن كان متمدرسا.

2- المقابلة:


يقصد بالمقابلة ذلك اللقاء المباشر الذي يحصل وجها لوجه بين المختص الأرطوفوني والمريض ويتم خلال هذا اللقاء طرح مجموعة من الأسئلة والاستفسارات على الحالة قصد جمع قدر ممكن من المعلومات، تسمح للمختص من تشخيص الاضطراب أي معرفته وحصر أعراضه، أسبابه، نوعه، ومن ثم تقييم الحالة.

3- تحليل مضمون الرسالة اللغوية:


إن هذا الأسلوب في التحليل هام جدا لأنه يساعد على معرفة طبيعة وعيوب اللغة عند الحالة، ويتمثل هذا الأسلوب في تقسيم الرسالة اللغوية إلى عناصرها الأولية المتمثلة في الجمل إلى وحدتها المتمثلة في الكلمات، والكلمات إلى حروف والحروف إلى أصوات ثم محاولة معرفة عيوب وعلل وأخطاء هذه الكلمات والجمل والحروف والأصوات (يمكن استعمال المسجل الصوتي)، وبفضل تحليلها يتمكن الباحث من تكوين صورة صحيحة عن الخلل في لغة المريض سواء كانت شفهية أو مكتوبة، وهذا يساعده على وضع تشخيص صحيح وتبني مقاربة علاجية صحيحة.

4- تطبيق الاختبارات والمقاييس:


إن الاختبارات والمقاييس والسلالم هي عبارة عن أدوات للكشف والتشخيص والتقييم وضعها العلماء بطريقة علمية وتحققوا من صدقها وثباتها، تكون موجهة لقياس سلوك معين عند فئة معينة وبسن محدد، وهي بأعداد لا تعد ولا تحصى منها النفسية-الأرطوفونية ومنها الأرطوفونية المحضة، ومن أهم الاختبارات التي يستعملها المختص الأرطوفوني والتي تجمع بين أهم عمليتين في القياس الأرطوفوني وهما اللغة والذكاء، نذكر على سبيل المثال:

- اختبار اللغة المنطوقة والمكتوبة لبورال ميزوني.

- اختبار رسم الرجل للعالمة الأمريكية فلورانس جودنوف لقياس الذكاء عند الطفل.

بالإضافة لاختبارات خاصة بالعمليات المعرفية الأخرى كالذاكرة والانتباه والإدراك...الخ.

. أو الخاصة بالمكتسبات الأولية كالجانبية

4- الكفالة الارطفونية:


نعني بها جميع الإجراءات والخطوات التي نقوم بها من بداية عملية التشخيص (تطبيق الاختبارات) وحتى نهاية عملية إعادة التربية (استخدام التقنيات والوسائل العلاجية).

هناك مرحلتين أساسيتين تمر بها الكفالة الأرطوفونية وهي مرحلة التشخيص وتحتوي على ثلاثة خطوات هي: تاريخ الحالة - الميزانية الأرطوفونية – الاختبارات المكملة، ومرحلة إعادة التربية وتحتوي على الخطة العلاجية وفيها: مدة العلاج، عدد الجلسات وسيرها، نوع الأسلوب العلاجي المطبق، ومدى تجاوب وتحسن الحالة.

4-1- تاريخ الحالة:


وهي محاولة جمع المعلومات عن الحالة (تحدث أثناء المقابلة) من خلال أسئلة موجهة لوالديّ الحالة أو طبيبه الخاص أو معلمه أو إليه مباشرة إن كان راشدا وقادرا على الإجابة، كما يمكن الاستعانة بالدفتر الصحي للحالة، وذلك بالتطرق إلى:




- تاريخ الولادة والحمل:

مثلا: كيف كانت الولادة يسيرة ام عسيرة؟

- تاريخ النمو:


مثلا: ما هو سن مشي الطفل؟

- التاريخ المرضي:


مثلا: متى بدا الاضطراب وما هي أعراضه؟

- التاريخ العائلي:


مثلا: هل يوجد مرض ورائي في العائلة؟

- التاريخ الدراسي:


مثلا: هل كان تمدرس الطفل طبيعي وكيف هو تحصيله الدراسي؟

تختلف هذه الأسئلة باختلاف نوع الاضطراب وسن الحالة، بالإضافة إلى أسئلة خاصة بالبيانات الأولية للمريض والحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأسرة.

5- الميزانية الأرطوفونية:


وهي مجموع الاختبارات والوسائل الأرطوفونية المطبقة أثناء التشخيص وإعادة التربية، وهي مستمدة من المدارس الغربية خاصة الفرنسية منها، والتي تعتمد على انجازات بورال ميزوني وفريق عملها، بالرغم من أن هناك ما تم أقلمته أو تكييفه مع الوسط الجزائري.

6- الاختبارات المكملة:


وتشمل الفحوصات غير الأرطوفونية والتي يمكن أن تساعد المختص الأرطوفوني في التشخيص مثل الميزانية النفسية والفحوصات الطبية.

- الميزانية النفسية: على الأرطوفوني الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات الأخصائيين النفسانيين عند إعادة التربية مثلا: حالة التأتأة التي تكون أسبابها علائقية ونفسية، ومنه فلابد أن يكون العمل مشترك بين المختص الأرطوفوني والمختص النفسي العيادي.

- الفحوصات الطبية: المتمثلة في القيام بفحوصات من طرف أطباء مختصين مثل فحص الأنف، الحنجرة، الفم، الأذن (القياس السمعي)، والفحوصات الخاصة بالدماغ (الأشعة).


المفاهيم الأساسية في عملية الاتصال


إن موضوع الارطوفونيا الأساسي هو اضطرابات الاتصال الخاصة باللغة والنطق والكلام والصوت وهنا يمكن تمييز مصطلحات مختلفة ولكنها متقاربة في المعنى ولابد من تحديدها للتمكن من معرفة خصوصية كل اضطراب واختلافه عن الأخر، وفيما يلي سوف نحاول التطرق لكل مصطلح للتفريق بينها:

1- اللغة:


يعرفها عالم اللسانيات السويسري (De Saussure) بأنها ظاهرة اجتماعية عامة يتفرد بها الإنسان عن سائر الكائنات "إنها ملكة التعبير برموز ناطقة" و أداة يتم بواسطتها التفاهم بين أبناء الجماعة الواحدة، وهي نظام من الرموز تحكمها مجموعة من القواعد الصرفية و النحوية التي يقوم عليها نظام التواصل .و يتم اكتسابها ابتداء من المراحل الأولى من النمو ويتدخل في هذا الاكتساب جوانب نفسية وفيزيولوجية واجتماعية وفيزيائية.

إن المختص الأرطوفوني إذا درس اللغة فإنه سيحاول التعرف على نظام الصرف و النحو والتراكيب و الدلالة و توظيف الكلمات مع بعضها البعض في السياق العام و بالتالي سيتعرف إذا ما كانت هذه اللغة سليمة أو فيها اضطراب معين في إحدى هذه المستويات.

2- الكلام:


حسب (De Saussure) الكلام هو كل ما يلفظه المجتمع المعين أي ما يختارونه من مفردات وتراكيب ناتجة عما تقوم به أعضاء النطق بالاعتماد على المعرفة المشتركة لدى الجماعة اللغوية، وشرط الكلام هو وجود مستمع ومتكلم إذا فالكلام انجاز فردي ملموس لقواعد اللغة والفردي يقوم على عنصر الاختيار.

3- الصوت:


الصوت ظاهرة فيزيائية عامة الوجود في الطبيعة، و الصوت اللغوي يتمثل في الأصوات التي تخرج من الجهاز الصوتي البشري فالصدر و الرئتان تدفعان الهواء نحو القصبة الهوائية و عند وصول هذا الهواء إلى الحنجرة يتحول إلى صوت مزماري بفضل الأوتار الصوتية التي تهتز، وعندما يصل هذا الصوت إلى القسم العلوي للجهاز النطقي فإنه يتحول إلى نغمات تتخذ شكل حروف (عملية النطق).


4- النطق:


النطق هو العملية التي يتم من خلالها تشكيل الأصوات اللغوية والمقاطع والكلمات وذلك بتغيير مجرى الهواء أو حبسه القادم من الأوتار الصوتية والمحمل بالذبذبات الصوتية عن طريق عضو من أعضاء النطق أو اشتراكها.

يعتبر الصوت اللغوي أصغر وحدة في النظام اللغوي وله خصائص فيزيائية (ذبذبات صوتية) وفيزيولوجية (وظيفية) ونفسية (تعبير شعوري).

5- عملية الاتصال:

هو نقل خبر ما من نقطة إلى أخرى، و توجد طرق عديدة تبلغ بها الأفكار، وينقل بها الخبر من مكان إلى آخر، كالصوت و الكتابة و الإشارة باليد و الإماء و استعمال رموز خاصة كالشيفرة مثلا، إذا فاللغة هي في الواقع طريقة من طرق الاتصال.

لتحقيق فهم أفضل للاضطرابات اللغوية علينا أولا فهم عملية التواصل التي يستعملها الأفراد في تفاعلهم مع الآخرين، و للقيام بعملية التواصل لابد من وجود مرسل ومستقبل ورسالة. فالمرسل يمتلك أفكار تحول إلى رموز يمكن فهمها من قبل المستقبل و يتحقق التواصل فقط عندما يحدث هناك فهم مشترك للرسالة بين المرسل و المستقبل، و مهما تنوعت طرق الاتصال فهي كلها تقوم على خمسة أمور أساسية هي: المرسل، جهاز الإرسال، المسلك أو طريق الإرسال، جهاز الاستقبال، والمستقبل.

إن الاتصال اللغوي أكثر أنواع الاتصال انتشارا و تداولا بين الناس، فالإنسان يستطيع بفضل تكوينه الفيزيولوجي و تجاربه الماضية و مدركاته الحسية و العقلية أن يحصل على أخبار يمكن نقلها إلى غيره، ويستعين في ذلك بجهازه الصوتي الذي يحول الخبر إلى أمواج صوتية تخترق الهواء أما المسلك الذي ينتقل عبره هذا الخبر فهو الهواء الذي يشكل صلة الوصل بين جهاز المتكلم الصوتي وبين أذني المستمع، فالأذن عبارة عن جهاز من أجهزة الاستقبال، فهي تتلقى الأمواج الصوتية و تحولها إلى حركة تدب عبر الأعصاب، و تنتقل إلى منتهاها، أي إلى الجهاز العصبي المركزي اين تتم ترجمتها.

وتشتمل عملية الاتصال على مرحلتين هما: الترميز وفك الترميز، فالكلام عملية ترميز للأفكار التي تدور في الذهن و فهم المستقبل لها هو عملية كشف لتلك الرموز، والكتابة أيضا هي عملية وضع للرموز الكتابية والقراءة هي عملية كشف عنها أي فك الترميز .

كما يمكن التمييز بين نوعين من الاتصال هما الاتصال اللفظي وغير اللفظي فالأول يعبر عنه من خلال الإنتاج الصوتي للغة، أما الثاني فيمكن التعبير عنه باستعمال حركات اليد أو بهز الرأس أو بتغيير ملامح الوجه، الإشارات البحرية، الحركات اليدوية التي يستعملها الصم و البكم، و الحركات التي نرفق بها الكلام للتوضيح و الشرح.


الآليات العضوية لإنتاج الكلام


تشترك مجموعة من الأجهزة في جسم الإنسان وظيفيا من أجل إنتاج وفهم الكلام واللغة، نستعرضها فيما يلي:

1- جهاز التصويت:

للإنسان القدرة على التصويت أي إصدار الصوت عند قيام بعض الأجهزة بوظيفتها، ويتألف الجهاز الصوتي لدى الإنسان من ثلاثة أقسام رئيسية و هي:

الجهاز التنفسي، الحنجرة والأوتار الصوتية (جهاز التصويت أو إصدار الصوت)، وتجاويف فوق المزمار (الجهاز النطقي أو التجويف الفمي والأنفي).

2- الجهاز التنفسي:

هذا الجهاز يوفر للبدن الأكسجين عن طريق التنفس كما له دور إضافي في حدوث الكلام. وتشتمل عملية التنفس على مرحلتين:

- الشهيق: و هو استدعاء الهواء إلى الرئتين.

- الزفير: و هو طرد الهواء من الرئتين.

حينما يأخذ الإنسان في الكلام تتغير نسبة الهواء التي يستنشقها حيث تزداد الحركات التنفسية ويختل بذلك انتظام التنفس أثناء الصمت، وعدم الانتظام هذا يبدو في حركتي الشهيق والزفير، ففي حالة التكلم أو الغناء يستنشق الإنسان الهواء بصورة سريعة، ويطرد الهواء بصورة بطيئة وغير منتظمة. وعند الصمت يكون نفس الشخص منتظما ويختل هذا الانتظام بحسب حالة هذا الشخص عند الكلام أو الغناء أو الانفعال أو اللهاث ..إلخ. وعندما يستعد الإنسان للكلام، يستنشق الهواء، فيمتلئ صدره به قليلا و يأخذ في نطق الجملة الأولى وإذا فرغ منها، فإن عضلات الشهيق تملأ الصدر بسرعة مرة ثانية استعدادا للنطق بالجملة الموالية وهكذا.

3- الحنجرة:

وهي مصدر الطاقة الصوتية لدى الإنسان، عبارة عن مجموعة من الغضاريف و تقع فوق القصبة الهوائية، يبلغ طولها 12 سم و قطرها 3 سم تقريبا، تتألف الحنجرة من عدة غضاريف وهي:

- الغضروف الحلقي le cartilage cricoïde

- الغضروف الدرقي le cartilage thyroïde

- الغضروفان الطرجهاليان les deux aryténoïdes

- الغضروف القرني le cartilage cornicule

- الغلصمة l’épiglotte

• الأوتار الصوتية: عبارة عن شفرتين تتموضعان عموديا وسط فتحة المزمار على شكل مثلث.

5- تجاويف فوق المزمار: لهذه التجاويف دور في تحويل الصوت الرنيني الخارج من الأوتار الصوتية إلى حروف مختلفة و متعددة، و هذه التجاويف ثلاثة و هي:

• البلعوم : وهو ملتقى الطرق الفمية و الأنفية و الرغامية فهو إذن متصل بالفم والأنف والحنجرة، كما أنه متصل بالمرئ. وعندما يتغير شكل البلعوم وحجمه فإن رنين الصوت يتغير تبعا لذلك.

• تجويف الفم: ويتكون من اللسان والأسنان والشفاه واللثة، وبتغير وضعيات هذه الأعضاء يتغير الصوت الصادر من الحنجرة.

• تجويف الأنف: تجويف ثابت الشكل والحجم، ودوره يكمن في أنه يتدخل في إصدار الحروف الغنية. حيث أنه عند إصدار الحروف الفمية فإن شراع الحنك يتصل بالبلعوم وبالتالي ينغلق المجرى الأنفي ليمر الهواء فقط من الفم، و لكن عند إصدار الحروف الغنية مجرى الأنف يبقى مفتوحا فيخرج بعض الهواء من الأنف والبعض الآخر من الفم.


آلية إنتاج الصوت:

يحدث الصوت من خلال هواء الزفير الذي يمر عبر الوتران الصوتيان عندما يكونا متقاربان، فالتصويت لا يمكن أن يحدث إلا إذا تقاربت الأوتار الصوتية بعضها مع بعض، مما يجعلها تهتز، ولذلك فإن تباعدها يناسب عملية التنفس العادي، و تقاربها يوافق التصويت، ثم يخرج الصوت على شكل موجات صوتية سريعة تتعدل وتتشكل في التجاويف الثلاثة التي أشرنا إليها، ويساهم اللسان والشفاه وسقف الحلق في عملية التعديل والتشكيل الصوتي، وذلك من خلال الحركات التي يحدثونها.

 آلية إدراك الصوت:

إن الوظيفة الأساسية لجهاز السمع هي استقبال الاهتزازات الصوتية وتحويلها إلى إشارات تنتقل عبر العصب السمعي إلى المخ، فعندما تستقبل الأذن هذه الاهتزازات ستصطدم بطبلة الأذن وهو غشاء بالغ الحساسية للموجات الصوتية بحيث تجعله يهتز وحينئذ تقوم المطرقة مع السندان والركاب بمحاكاة اهتزازات الطبلة لتصل إلى القوقعة التي تحول هذه الاهتزازات الآلية لعظيمات السمع الثلاث إلى نشاط عصبي يصل إلى المخ عن طريق استثارة العصب السمعي، أين يتم ترجمة وتحليل الرسالة الصوتية (الفهم) وإصدار رسالة عصبية للاستجابة.

الآليات العصبية:

يتكون دماغ الإنسان من نصفي كرتين مخيتين وتتكون كل كرة مخية من أربعة فصوص: الفص الجبهي و الفص الجداري و الفص الصدغي و الفص القفوي. و يقسم الباحث Brodmen)) خريطة القشرة المخية إلى 52 باحة، كل باحة لها وظيفة خاصة.

وبالنسبة لانتاج وفهم الكلام فهناك مجموعة من الباحات التي تختص في ذلك، نذكر الاساسية منها:

- الباحة رقم 41 و 42 تتحدد في الفص الصدغي و لهما وظيفة حسية تتمثل في استقبال السيالة العصبية من الأذن و تسمى بـ الباحة السمعية (Aire auditive).

- الباحة رقم 21 و 22 لهما وظيفة إدراكية سمعية حيث تقوم بتحليل المثيرات السمعية المستقبلة للباحة 41 و 42 و تسمى أيضا (Aire de compréhension). كما تسمى الباحة 22 بباحة فرنيكي .(Aire de Wernicke)

- الباحة رقم 44 و 45 وهي خاصة باللغة و الكلام و تسمى أيضا بـمنطقة بروكا (aire de Broca).

- باحات الحركة الخاصة بأعضاء النطق ( الفم، اللسان، الفك...الخ) الذراعين والأصابع والأرجل، تتحدد في الفص الجبهي "التلفيف الجبهي الصاعد" و تسمى بالباحة الحركية (aire motrice ).




المراجع:




1- حشاني،د.(د.ت). مطبوعة لمحاضرات مقياس مدخل إلى الأرطوفونيا. كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية. جامعة قاصدي مرباح ورقلة.

2- حولة، محمد. (2007). الأرطوفونيا علم اضطرابات اللغة والكلام والصوت. الجزائر: دار هومه.

3- السعيد، هالة. (2014). اضطرابات التواصل اللغوي التشخيص والعلاج: دليل الآباء والمتخصصين. مصر: مكتبة الأنجلو مصرية.

4- عباس، سمير.(2015/2016). مطبوعة لمحاضرات مقياس مدخل إلى الأرطوفونيا. كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية. جامعة محمد البشير الإبراهيمي برج بوعريريج.

5- قادري، حليمة. (2015). مدخل إلى الأرطوفونيا: تقويم اضطرابات الصوت والنطق واللغة. عمان: دار صفاء للنشر والتوزيع.

6- نواني، حسين. (2018). الأرطوفونيا واللغة العربية: مدخل إلى علم أمراض الكلام. الجزائر: دار الخلدونية.




7- Borel-Maisonny,S. (1986). Langage orale et écrit. Paris: Delachaux et Niestlé Editeurs.

8- Chevrier. M & Narbona. J. (2007). Le langage de l’enfant. Belgique: Masson.

9- Delahaie. M. (2004). L’évolution du langage chez l’enfant: De la difficulté au trouble. Paris: Edition L’ineps.

10- De saussure. F. (2002). Cours de linguistique générale. Bejaia: Edition Talantikit.

الاسمبريد إلكترونيرسالة