بحث حول الثورة الجزائرية من 1954 إلى 1962 -->
U3F1ZWV6ZTQ0NDk0NjAzMzJfQWN0aXZhdGlvbjUwNDA2MjUwMDM3
recent
مواضيع مهمة

بحث حول الثورة الجزائرية من 1954 إلى 1962

بحث حول الثورة الجزائرية من 1954 إلى 1962

بحث حول الثورة الجزائرية من 1954 إلى 1962
بحث حول الثورة


المقـــــدمة

تحل علينا الذكرى السادسة والخمسين لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 و الجزائر تقطع خطوات راسخة على طريق استكمال الصرح المؤسساتي بعزم لا يقل عن عزم رجال نوفمبر الأشاوس الذين كتبوا بحروف من نار و نور أعظم ملحمة في التاريخ المعاصر .
فما أشبه اليوم بالبارحة عشية نوفمبر بدأ شبح الليل الاستعماري يتبدد أمام إصرار أبناء الشعب الثائر أولائك الذين قرروا إعلان الكفاح التحرري وسيلة لاسترجاع حريتهم السليبة فكانوا على موعد حاسم مع قدر التضحيات الغالية التي وهبوها فداء لتحرير الوطن بالنفس و النفيس شعارهم {النصر أو الاستشهاد }.
وان البعد التاريخي للأمة الجزائرية يحتم علينا أن نكون أوفياء للذاكرة الجماعية للشعب الجزائري بما يتطلبه الظرف من تخليد للمآثر و البطولات سواء في إطار جمع و تدوين الوقائع من أفواه صانعيها أو الوقوف على حجم المآسي و المجازر الدامية التي اقترفها الاستعمار الفرنسي من عهد الاحتلال إلى فجر الاستقلال .
لأنه من غير المعقول المرور مرّ الكرام على جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر و المهجر و ترك المجرمين يعيشون بقية حياتهم في نقاهة و استجمام بدون ذنب مغفور لذلك فالأجدر بفرنسا أن تعترف بما اقترفه بعض مسؤوليات أثناء فترة الاستعمار و ليس هناك اليوم ما يبرر عدم محاكمة مجرمي الحرب و الجرائم ضد الإنسانية من أمثال بابون و بيجار و ماسو إلى آخر قائمة الملف الأسود للاستعمار الفرنسي في الجزائر
ومن هنا ينبغي أن تتسع دائرة إدانة الاستعمار الفرنسي على جرائمه ضد الإنسانية من مجازر السابع عشر أكتوبر 1961 إلى مجازر الثامن مايو 1945 و الحادي عشر ديسمبر 1960 وكذا مساحات الألغام و الأسلاك الشائكة المكهربة التي ما تزال تحصد ضحايا جدد على طول حدودنا الشرقية و الغربية .
إذن سيبقى ملف جرائم الاستعمار مفتوحا و الصور البشعة حاضرة في الأذهان باستمرار

قد يهمك أيضا 

الظروف التي ظهرت فيها الثورة:

الظروف الداخلية:

- استمرار الاستعمار الفرنسي.
- تدهور متزايد للظروف الاقتصادية و الاجتماعية للجزائريين.
- أحداث 08 ماي 1945 التي أكدت ضرورة العمل المسلح.
- الانسداد الذي و صلت إليه المقاومة السلمية.
- عجز التشكيلات السياسية الإصلاحي في تحقيق الاستقلال بالطرق السياسية.
- أزمة حزب الشعب (حركة الانتصار للحريات الديمقراطية) و طغيان الصراع الحزبي بين المصاليين بزعامة *مصالي الحاج *و المركزيين بقيادة*حسين لحول*و * لمين دباغين*
-  ظهور اللجنة الثورية للوحدة و العمل في 23 مارس 1954.

الظروف الإقليمية:

- نجاح الثورة المصرية 23جويلية 1952 ببعدها التحريري القومي.
-  توقيع مصر و بريطانيا على معاهدة الجلاء(ترتيبات سحب الجيش البريطاني من مصر )
- غضب شعبي و غليان في المغرب العربي (اغتيال النقابي التونسي*فرحات حشاد*سنة 1952،نفي فرنسا للملك محمد الخامس في 20اوت 1953).
- اندلاع الكفاح المسلح في كل من تونس و المغرب ضد الحماية الفرنسية.
- تنشيط القوميين و على رأسهم*جمال عبد الناصر*للجامعة العربية للتنديد بالاستعمار و دعم الحركات التحريرية العربية.
الظروف الدولية:
- انتشار موجه التحرير في آسيا و إفريقيا.
- انهزام فرنسا في الهند الصينية في *ديان بيان فو*7ماي 1954 .

1- الوجيز في التاريخ لطلاب البكالوريا 3ثانوي لهشام كمال 2009

- انعقاد مؤتمر *جونيف في جويلية 1954 الذي اقر باستقلال لاووس،كامبوديا،فيتنام شمالي، و فيتنام جنوبي
-  ظهور بوادر الانفراج الدولي و توفير جو دولي من شانه التعامل ايجابيا مع القضية الجزائرية و تسويتها.

التحضير الاندلاع الثورة

لقد تم وضع اللمسات الأخيرة للتحضير لاندلاع الثورة التحريرية في اجتماعي 10 و24 أكتوبر 1954 بالجزائر من طرف لجنة الستة ،ناقشا المجتمعون قضايا هامة هي:
ـ إعطاء تسمية للتنظيم الذي كانوا بصدد الإعلان عنه ليحل محل اللجنة الثورية للوحدة والعمل وقد اتفقوا على إنشاء جبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري المتمثل في جيش التحرير الوطني. وتهدف المهمة الأولى للجبهة في الاتصال بجميع التيارات السياسية المكونة للحركة الوطنية قصد حثها على الالتحاق بمسيرة الثورة، وتجنيد الجماهير للمعركة الحاسمة ضد المستعمر الفرنسي.
ـ تحديد تاريخ اندلاع الثورة التحريرية : كان اختيار ليلة الأحد إلى الاثنين أول نوفمبر 1954كتاريخ انطلاق العمل المسلح يخضع لمعطيات تكتيكية عسكرية، منها وجود عدد كبير من جنود وضباط جيش الاحتلال في عطلة نهاية الأسبوع يليها انشغالهم بالاحتفال بعيد مسيحي، وضرورة إدخال عامل المباغتة،
ـ تحديد خريطة المناطق وتعيين قادتها بشكل نهائي، ووضع اللمسات الأخيرة لخريطة المخطط الهجومي في ليلة أول نوفمبر:
المنطقة الأولى- الأوراس :مصطفى بن بولعيد
المنطقة الثانية- الشمال القسنطيني: ديدوش مراد
المنطقة الثالثة- القبائل: كريم بلقاسم
المنطقة الرابعة- الوسط: رابح بيطاط
المنطقة الخامسة- الغرب الوهراني: العربي بن مهيدي
تحديد كلمة السر لليلة أول نوفمبر 1954 : خالد وعقبة.

الاندلاع

كانت بداية الثورة بمشاركة 1200مجاهد على المستوى الوطني بحوزتهم 400 قطعة سلاح وبضعة قنابل تقليدية فقط. وكانت الهجومات تستهدف مراكز الدرك والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة ومصالح إستراتيجية أخرى، بالإضافة إلى الممتلكات التي استحوذ عليها الكولون.
فشملت هجومات المجاهدين عدة مناطق من الوطن ، وقد استهدفت عدة مدن وقرى عبر المناطق الخمس : باتنة، أريس، خنشلة وبسكرة في المنطقة الأولى، قسنطينة وسمندو بالمنطقة الثانية ، العزازقة وتيغزيرت وبرج منايل وذراع الميزان بالمنطقة الثالثة. أما في المنطقة الرابعة فقد مست كلا من الجزائر وبوفاريك والبليدة ، بينما كانت سيدي علي و زهانة ووهران على موعد مع اندلاع الثورة في المنطقة الخامسة .
وباعتراف السلطات الاستعمارية ، فإن حصيلة العمليات المسلحة ضد المصالح الفرنسية عبر كل مناطق الجزائر ليلة أول نوفمبر 1954 ، قد بلغت ثلاثين عملية خلفت مقتل 10 أوروبيين وعملاء وجرح 23 منهم وخسائر مادية تقدر بالمئات من الملايين من الفرنكات الفرنسية. أما الثورة فقد فقدت في مرحلتها الأولى خيرة أبنائها الذين سقطوا في ميدان الشرف ، من أمثال بن عبد المالك رمضان وقرين بلقاسم و باجي مختار و ديدوش مراد و غيرهم.

بيان أول نوفمبر 1954

نداء إلى الشعب الجزائري هذا هو نص أول نداء وجهته الكتابة العامة لجبهة التحرير الوطني إلى الشعب الجزائري في أول نوفمبر 1954 . أيها الشعب الجزائري، أيها المناضلون من أجل القضية الوطنية، أنتم الذين ستصدرون حكمكم بشأننا ـ نعني الشعب بصفة عامة، والمناضلون بصفة خاصة نُعلمُكم أن غرضنا من نشر هذا الإعلان هو أن نوضح لكُم الأسباب العَميقة التي دفعتنا إلى العمل، بأن نوضح لكم مشروعنا والهدف من عملنا، ومقومات وجهة نظرنا الأساسية التي دفعتنا إلى الاستقلال الوطني في إطار الشمال الإفريقي، ورغبتنا أيضا هو أن نجنبكم الالتباس الذي يمكن أن توقعكم فيه الإمبريالية وعملاؤها الإداريون وبعض محترفي السياسة الانتهازية. فنحن نعتبر قبل كل شيء أن الحركة الوطنية بعد مراحل من الكفاح قد أدركت مرحلة التحقيق النهائية. فإذا كان هدف أي حركة ثورية في الواقع هو خلق جميع الظروف الثورية للقيام بعملية تحريرية، فإننا نعتبر الشعب الجزائري في أوضاعه الداخلية متحدا حول قضية الاستقلال والعمل، أما في الأوضاع الخارجية فإن الانفراج الدولي مناسب لتسوية بعض المشاكل الثانوية التي من بينها قضيتنا التي تجد سندها الديبلوماسي وخاصة من طرف إخواننا العرب والمسلمين, إن أحداث المغرب وتونس لها دلالتها في هذا الصدد، فهي تمثل بعمق مراحل الكفاح التحرري في شمال إفريقيا. ومما يلاحظ في هذا الميدان أننا منذ مدة طويلة أول الداعين إلى الوحدة في العمل. هذه الوحدة التي لم يتح لها مع الأسف التحقيق أبدا بين الأقطار الثلاثة. إن كل واحد منها اندفع اليوم في هذا
السبيل، أما نحن الذين بقينا في مؤخرة الركب أمام هذه الوضعية التي يخشى أن يصبح علاجها مستحيلا، رأت مجموعة من الشباب المسؤوليين المناضلين الواعين التي جمعت حولها أغلب العناصر التي لا تزال سليمة ومصممة، أن الوقت قد حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص والتأثيرات لدفعها إلى المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة والتونسيين. وبهذا الصدد، فإننا نوضح بأننا مستقلون عن الطرفين الذين يتنازعان السلطة، إن حركتنا قد وضعت المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات التافهة والمغلوطة لقضية الأشخاص والسمعة، ولذلك فهي موجهة فقط ضد الاستعمار الذي هو العدو الوحيد الأعمى، الذي رفض أمام وسائل الكفاح السلمية أن يمنح أدنى حرية. و نظن أن هذه أسباب كافية لجعل حركتنا التجديدية تظهر تحت اسم : جبهة التحرير الوطني. و هكذا نستخلص من جميع التنازلات المحتملة، ونتيح الفرصة لجميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية، وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية أن تنضم إلى الكفاح التحرري دون أدنى اعتبار آخر. ولكي نبين بوضوح هدفنا فإننا نسطر فيما يلي: الخطوط العريضة لبرنامجنا السياسي. الهدف:الاستقلال الوطني بواسطة
إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية . احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني .

الأهداف الداخلية

التطهير السياسي بإعادة الحركة الوطنية إلى نهجها الحقيقي والقضاء على جميع مخلفات الفساد وروح الإصلاح التي كانت عاملا هاما في تخلفنا الحالي . تجميع وتنظيم جميع الطاقات السليمة لدى الشعب الجزائري لتصفية النظام الاستعماري
الأهداف الخارجية
تدويل القضية الجزائرية
تحقيق وحدة شمال أفريقيا في داخل إطارها الطبيعي العربي والإسلامي
في إطار ميثاق الأمم المتحدة نؤكد عطفنا الفعال تجاه جميع الأمم التي تساند قضيتنا التحريرية.


وسائل الكفاح

انسجاما مع المبادئ الثورية، واعتبارا للأوضاع الداخلية والخارجية، فإننا سنواصل الكفاح بجميع الوسائل حتى تحقيق هدفنا. إن جبهة التحرير الوطني، لكي تحقق هدفها يجب عليها أن تنجز مهمتين أساسيتين في وقت واحد وهما: العمل الداخلي سواء في الميدان السياسي أو في ميدان العمل المحض، والعمل في الخارج لجعل القضية الجزائرية حقيقة واقعة في العالم كله، وذلك بمساندة كل حلفائنا الطبيعيين. إن هذه مهمة شاقة ثقيلة العبء، وتتطلب كل القوى وتعبئة كل الموارد الوطنية، وحقيقة إن الكفاح سيكون طويلا ولكن النصر محقق..
وفي الأخير، وتحاشيا للتأويلات الخاطئة وللتدليل على رغبتنا الحقيقة في السلم، وتحديدا للخسائر البشرية وإراقة الدماء، فقد أعددنا للسلطات الفرنسية وثيقة مشرفة للمناقشة، إذا كانت هذه السلطات تحدوها النية الطيبة، وتعترف نهائيا للشعوب التي تستعمرها بحقها في تقرير مصيرها بنفسها.
الاعتراف بالجنسية الجزائرية بطريقة علنية ورسمية، ملغية بذلك كل الأقاويل والقرارات والقوانين التي تجعل من الجزائر أرضا فرنسية رغم التاريخ والجغرافيا واللغة والدين والعادات للشعب الجزائري..
فتح مفاوضات مع الممثلين المفوضين من طرف الشعب الجزائري على أسس الاعتراف بالسيادة الجزائرية وحدة لا تتجزأ..
خلق جو من الثقة وذلك بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ورفع الإجراءات الخاصة وإيقاف كل مطاردة ضد القوات المكافحة وفي المقابل فإن المصالح الفرنسية، ثقافية كانت أو اقتصادية والمحصل عليها بنزاهة، ستحترم وكذلك الأمر بالنسبة للأشخاص والعائلات..
وجميع الفرنسيين الذين يرغبون في البقاء بالجزائر يكون لهم الاختيار بين جنسيتهم الأصلية ويعتبرون بذلك كأجانب تجاه القوانين السارية أو يختارون الجنسية الجزائرية وفي هذه الحالة يعتبرون كجزائريين بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات, تحدد الروابط بين فرنسا والجزائر وتكون موضوع اتفاق بين القوتين الاثنتين على أساس المساواة والاحترام المتبادل .
.
أيها الجزائري، إننا ندعوك لتبارك هذه الوثيقة، وواجبك هو أن تنضم لإنقاذ بلدنا والعمل على أن نسترجع له حريته، إن جبهة التحرير الوطني هي جبهتك، وانتصارها هو انتصارك. أما نحن، العازمون على مواصلة الكفاح، الواثقون من مشاعرك المناهضة للإمبريالية، فإننا نقدم للوطن أنفس ما نملك." فاتح نوفمبر 1954 الأمانة الوطني.1
الإستراتجية الدولية لحزب جبهة التحرير الوطني 1954-1962:
أ‌- التوجهات الكبرى للنشاط الدبلوماسي:
كان يتمثل هدف جبهة التحرير الوطني المنبثق من الجناح الراديكالي ل ﴿ m.t.l.d﴾في الاستقلال عن طريق الكفاح المسلح .و لتحقيق ذالك ظلت انشغالاته الكبرى مطابقة للتيار المنبثق عنه .ويتجلى هذا من خلال بيان 1 نوفمبر 1954:
...و غايتنا في الميدان الخارجي هي:
تدويل القضية الجزائرية
تحقيق وحدة شمال افريقيا في نطاقها الطبيعي العربي الاسلامي
وموقفنا في دائرة ميثاق هيئة الأمم المتحدة هو تأكيد تعاطفنا و تضامننا الفعال إزاء كل الأمم التي تؤيد كفاحنا التحريري.
و لبلوغ هذه الغاية ...ستقوم جبهة التحرير الوطني بعمل خارجي لجعل المشكل الجزائري واقعا مطروحا أمام العالم اجمع بتأييد جميع حلفائنا الطبيعيين)
إن انعقاد أول مؤتمر للجبهة (مؤتمر الصومام 20 أوت 1956)سيؤدي بها الئ تحديد نشاطها على المستوى الدولي مع إبراز خصوصية الجزائر و كفاحها . هكذا اعتبر برنامج مؤتمر الصومام ضمن أهداف الحزب:
-عزل فرنسا من الجزائر و من العالم سياسيا.
2 ـ مجلة أول نوفمبر العدد 158 سنة 1997
- توسيع نطاق الثورة إلى حد جعلها مطابقة للقوانين الدولية
و من بين أهدافها على المستوى الخارجي:
- السعي للحصول على اقوي ما يمكن من التأييد المادي و المعنوي و الروحي
- تصعيد تأييد الرأي العام.
- تنمية الإعانة الدبلوماسية بجذب حكومات البلاد التي جعلتها فرنسا في الحياد أو التي لم تطلع اطلاعا كافيا على الصفة الوطنية لحرب الجزائر،و حمل هذه الحكومات على مناصرة القضية الجزائرية .
لخص أمحمد يزيد في التقرير الذي حرره في جويلية 1957 ووجهه إلى المجلس الوطني للثورة الجزائرية.
النشاط الدولي لجبهة التحرير الوطني عند اندلاع ثورة التحريري الوطني و المتمثلة في ثلاثة نقاط:
-العمل على إخراج القضية الجزائرية من الإطار الفرنسي .
-جعل القضية الجزائرية في نفس مرتبة القضيتين التونسية و المغربية على المستوى الدولي.
-إبلاغ هيئة الأمم المتحدة بالقضية الجزائرية(32).
هذا الانشغال الأول المتمثل في إضفاء البعد الدولي للقضية الجزائرية و من ثم إثارة حركة تضامنية واسعة،سيسمح تدريجيا للجبهة بإعداد و تأكيد سياستها الخارجية.
هذه الأخيرة وليدة الكفاح و المنفى ستكون على التوالي ثمرة (الوفد الخارجي للثورة الجزائرية)(33) و قسم الشؤون الدينية (34)و أخيرا(وزارة الشؤون الخارجية:(35)عقب تشكيل الحكومة المؤقتة الجزائرية سنة 1958. بدأت هاته الهيئات ذات الطابع الدبلوماسي نشاطها انطلاقا من العواصم العربية و بلاخص القاهرة في المرحلة الاولئ ثم تونس التي أصبحت مقرا للحكومة المؤقتة ابتداء من1958،لكن الهياكل الممثلة للجبهة كانت موزعة على أكثر من20 بلدا مطلا على البحر الأبيض المتوسط و على أوروبا و أمريكا.
مراحل الثورة التحريرية:
فقد مرت الثورة التحير في الجزائر بعدة مراحل :
المرحلة الأولى : 1954- 1956 : 

- إنــدلاع الثــورة

إن المراحل الصعبة التي واجهت الثورة كانت عموما في البداية لأن أصعب الأمور كما يقال بدايتها.
فقد واجهت الثورة عدة صعوبات في عامها الأول مثل قلة الوسائل المادية والحربية كالأسلحة والعتاد وغيرها، وصعوبة الإتصال بين الولايات للتنسيق الجهود ، واستشهاد عدد من أبطال الثورة مثل : ديدوش مراد، مصطفى بن بوالعيد واغتيال العديد من الثوريين المناضلين . لكن هذه المصاعب لم تفشل الثورة ولم تؤثر عليها، وبدأت تحقق بعض الإنتصارات سواء كان على الصعيد العسكري أو السياسي.

- التطــور العسكري :

نتيجة استمرار الثورة وانتشارها اتخذت السلطات الفرنسية عدة إجراءات، ا قامت الطائرات الفرنسية بأول قصف جوي للآوراس في 10/10/1954 وفي 03/04/1955 طبق " "قانون الطوارىء " على منطقة الأوراس بعد أن صادق عليه البرلمان الفرنسي، وعين العقيد " بارلنج " في ماي 1955 قائدا على شرق البلاد وكان له سجلا في القتل الوحشي الجماعي وقد قابل جيش التحرير هذه الإجراءات بهجومات 20 أوت 1955 فقد قام العقي زيغود يوسف بتنظيم هجوم في ولاية قسنطينة كان الهدف من خلاله :
1.- تخفيف الضغط الشديد المسلط على منطقة الأوراس
2.- إظهار قوة الثورة لفرنسا والعالم كله.
3.- تشتيت قوات العدو.
4.- إثبات أن جيش التحرير الوطني ليس مجموعة من " قطاع الطرق " كما تزعم
الإدارة الفرنسية إنما هو جيش ثوري مساند من قبل الشعب بإمكانه أن يضرب قوات
العدو في الصميم.
5.- إثبات تعلق الشعب بالكفاح المسلح من أجل الإستقلال الوطني.
6.- إظهار روح التضامن مع المغرب الأقصى الذي نفي ملكه محمد الخامس فــي
20 أوت 1953.
7.- كسب إنضمام كل تيارات الحركة الوطنية والشخصيات الجزائرية الى صفوف جبهة التحرير الوطني.

8.- تكذيب أقاويل وادعاءات الاستعمار بتبعية الثورة لبعض العواصم الخارجية وإثبات
وطنية الثورة وشعبيتها.
9.- لفت الأنظار الدولية للقضية الجزائرية وكفاح شعبها ضد الفرنسيين وإدراجها ضمن أعمال ومناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة والمؤتمرات الدولية .
ويكفي للدلالة على قوة الثورة أنه قد انتشرت بين أفراد الجيش الفرنسي روح التمرد والعصيان ضد الحرب في الجزائر. فقد تمرد أكثر من 200 جندي من فرقة المدفعية (رقم 451) بسان سبغران ووزعوا منشورات أعلنوا فيها معارضتهم في الذهاب الى الجزائر.

أمام هذا الفشل الداخلي والخارجي التجأت فرنسا إلى حملات الاعتقال والسلب والنهب ونفذ حكم الإعدام في الكثير من المواطنين مع دفنهم أحياء.

II/- التطـــور السياسي:

- على المستوى السياسي فقد قامت الإدارة الفرنسية بتعيين " جاك سوستيل " حاكما عاما على الجزائر خلفا " لروجي ليونارد " فقام سوستيل بزيارة منطقة الأوراس في 15/02/1955 حيث صرح قائلا : " إن هذه المنطقة تشهد تزايدا ملحوظا في عدد السكان، الأرض لا تكفي لذا نرى في هذه المنطقة حركة إرهابية ويعني هذا أن الثورة سببها الفقر، وعلى الجيش الفرنسي ألا يقوم بعمليات القتل، إنما بعمليات سلمية أي يكسب ثقة الشعب خصوصا في المناطق التي لم تشتعل فيها الثورة بعد، وكسب هذه الثقة يكون بتطبيق إجراءات إدارية إقتصادية وإجتماعية.
وشرع بعدها سوستال في إعداد مشروعه الاقتصادي الذي شمل عدة نواحي منها :
1- الوظيف العمومي.
2- قانون الديانة الإسلامية.
3- الإدارة الجهوية والمحلية.
4- تدريس اللغة الفرنسية.
5- المجال الفلاحي والصناعي والمالي.
كما قام بتوزيع كميات كبيرة من القمح والحبوب الأخرى على سكان المناطق الفقيرة.
إلا أن هذا المشروع رفضته جبهة التحرير الوطني وعملت على إفشاله كما رفضه الشعب.
زيادة على هذا فقد عرفت السياسة الفرنسية اضطرابات ومنها أن قوة الثورة قد عملت على إسقاط حكومة " منداس فرانس " 23/12/1955 وقيام حكومة " ايدغارفور ".
أما من الجانب الوطني فقد عملت الثورة على رفع صوتها عاليا وأشعرت العالم أن ما يجري في الجزائر هو ثورة حقيقية ومع أن الجمعية العامة للأمم المتحدة رفضت مناقشة القضية الجزائرية في دورة 1955 إلا أن هذا الرفض تم بأغلبية صوت واحد.
كما شارك وفد جزائري كوفد ملاحظ في مؤتمر باندونغ، أفريل 1955، وفي جوان 1956 طرحت القضية الجزائرية على مجلس الأمن، ورغم رفض المجلس النظر في القضية بحجة أن الوقت لم يكن مواتيا لذلك إلا أنه إعتبر أن القضية الجزائرية قضية دولية، وقد أضافت الثورة إنتصارا آخر وهذا على المستوى الداخلي عندما استجاب الشعب الجزائري للإضراب العام الذي دعت إليه الجبهة في 05 جويلية 1956.
المرحلة الثانية : 1956- 1958 :-
- تنظيم الثورة وشموليتها:
في الفترة التي كان فيها القادة الجزائريون منشغلين بالتحضير والإعداد للثورة المسلحة، كانت هناك فكرة تراودهم وهي ضرورة عقد مؤتمر وطني يضم زعماء جميع الجماعات للتباحث ومتابعة الثورة وتنظيمها وفق المستجدات لكن الصعوبات التي واجهتها الثورة في بدايتها حالت دون انعقاد هذا المؤتمر وفي عامها الأول، وبعد التخلص من هذه الصعوبات وبعد الانتصارات التي تحققت على الصعيدين الداخلي والخارجي بدأ التفكير من جديد في عقد مؤتمر، فكان مؤتمر الصومام 20 أوت 1956 م.
I/- مؤتمر الصومام 20 أوت 1956 :
1.- ظروف ومكان انعقاده:

أ- الظــــروف:

بعد أحدات 20 أوت 1955 لم تبقى الثورة محصورة في مناطق الأحداث بل اتسعت لتشمل مناطق مختلفة من التراب الوطني وأحرزت على انتصارات داخلية وخارجية ومن ذلك انضمام التشكيلات السياسية للثورة فقد طلبت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في منتصف شهر جانفي 1956 بضرورة الاعتراف باستقلال الجزائر وإعادة السيادة للشعب الجزائري.
كما أعلن فرحات عباس بأنه وحزبه يؤكدون على عزمهم على مساندة القضية التي تدافع عنها جبهة التحرير الوطني.
وانضم أعضاء من اللجنة المركزية من حزب حركة الانتصار للحريات الديمقراطية إلى الثورة
واستجاب الشعب الجزائري للإضراب الذي دعت إليه جبهة التحرير الوطني في 05/07/1956 .
وفي جوان 1956 طرحت القضية على مجلس الأمن رغم رفض المجلس النظر في القضية بحجة أن الوقت لم يحن بعد، إلا أنه أعتبرها قضية دولية.
أمام كل تلك الظروف كان من الضروري عقد مؤتمرا يعمل على تكييف الثورة مع المستجدات الجديدة، كما يعمل على تنظيمها على أسس حديثة.

ب- مكان انعقاده :

حسب التصريحات فإن عدد الحاضرين في هذا المؤتمر من القادة الكبار 16 مسئول يمثلون كل المناطق باستثناء المنطقة الأولى والوفد الخارجي. فلظروف أمنية لم يتمكنوا من الحضور والمشاركة.
اختيرت المنطقة الثالثة (القبائل) لتضم هذا المؤتمر نظرا لموقعها وسط البلاد تقريبا مما يسهل لمسؤولي كل المناطق الوصول إليها وتم اختيار قرية إفري أوزلاقن في السفوح الشرقية لجبال جرجرة المشرفة على الضفة الغربية لوادي الصومام، وذلك نظرا لموقع هذه المنطقة الإستراتيجية إذ تشرف بشكل واضح كل الطرق الرئيسية مما يسمح بمراقبة واكتشاف كل تحركات العدو. وأشرف حوالي 3000 مجاهد على حراسة وحصار كل المناطق المجاورة للمؤتمر، كما أن كتائب عديدة من المجاهدين كانت تنظم كمائن لقوات العدو بعيدا عن منطقة الصومام لصرف أنظار العدو عن هذه المنطقة.
ترأس المؤتمر الشهيد العربي بن مهيدي وحضره عبان رمضان، زيغود يوسف، كريم بلقاسم، العقيد أوعمران وغيرهم.
فرنسا و اندلاع الثورة1
واجهت فرنسا اندلاع الثورة التحريرية بوسائل شتى : عسكرية، سياسية، إعلامية، دعائية ودبلوماسية..
وقد حاولت في البدء التقليل من الصدمة التي أصابت فرنسا فاعتبرت الأحداث محدودة التأثير ومن فعل بعض الخارجين عن القانون. غير أن تطور الثورة

واشتداد نار لهيبها قد جعل ساسة فرنسا وقادتها العسكريين يدلون بالتصريح تلو التهديد، ويأمرون بمضاعفة عدد قوات الاحتلال المترابطة بالجزائر لمواجهة الأحداث.
كما صادقت الحكومة الفرنسية على تخصيص موارد مالية كبيرة تصب في دعم المجهود الحربي الذي وجه للقضاء على الثورة وخنقها في المهد قبل استفحال أمرها..
وقد بادر الجيش الفرنسي إلى شنّ عمليات عسكرية برية وجوية في ديسمبر 1954 وجانفي 1955 ضدّ معاقل الثورة في الأوراس والشمال القسنطيني وبلاد القبائل والغرب الجزائري؛ ومحاصرة السكان وشن حملات التمشيط والتفتيش وإنشاء المناطق المحرمة،كما قامت سلطات الاحتلال الفرنسي بتوقيف عدد كبير من المناضلي , أسرعت الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ قرار حل الحزب وإغلاق مكاتبه ونواديه بالجزائر وفرنسا وذلك يوم 05 نوفمبر 1954. وقد راح ضحية حملة التوقيف بعض أعضاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل.

المجهود الحربي الفرنسي

كان اندلاع ثورة التحرير في أول نوفمبر 1954 مفاجأة للسلطة الاستعمارية الحاكمة في الجزائر ، مما تطلب بعض الوقت لمسايرة الوضع الجديد . ففي البداية وظفت السلطات الاستعمارية الفرنسية كل طاقاتها العسكرية والمدنية المتواجدة على التراب الجزائري ، والتي شملت مختلف الأجهزة القمعية الأمنية والعسكرية ، مسخرة وسائل الدعاية الإعلامية من صحف وجرائد وإذاعة وشبكات أخرى للترويج للسياسة الاستعمارية..
غير أن اتساع رقعة الثورة تطلب منها اتخاذ عدة إجراءات لرفع عدد قواتها العسكرية ، فبعدما كانت تقدر ب 54 ألف جندي في شهر جوان 1954 يضاف إليها عشرة ألاف شرطي ، ارتفع هذا العدد مع بداية نوفمبر 1954 إلى 62000 جندي . إلا أن التنظيم المحكم الذي ميز الثورة دفع السلطة الاستعمارية إلى طلب المزيد من القوات العسكرية والتي بلغت في مطلع عام 1955 الـ 80000 جندي ، مدعمين بفيلق من المظليين.
وقد فشلت هذه القوة في وقف زحف الثورة ولم تستطع خنقها ، مما أدى إلى عزل الحاكم العام روجيه ليونار واستبداله بجاك سوستال الذي تعززت في عهده القوات الفرنسية بوحدة من البوارج الحربية ، فأرتفع تعداد القوات العسكرية إلى 114000 جندي في شهر جويلية 1955 . بقي عدد الجنود الفرنسيين في الجزائر في ارتفاع مستمر ليبلغ 186000 عسكري في جانفي 1956.
,كما قامت السلطات الاستعمارية بإعلان حالة الطوارئ وتمديد الخدمة العسكرية للشبان الفرنسيين لتصبح 21 شهرا عوض سنة واحدة . وفي 1957 بلغت مدة الخدمة العسكرية 24 شهرا..
وبمجيء الجنرال شارل ديغول عام 1958 تم اتخاذ تدابير مؤقتة للاحتفاظ بالمجندين لمدة 30 شهرا ، إلى جانب ذلك اعتمدت أساليب أخرى لتدعيم المجهود الحربي ، منها تحويل فرق عسكرية بأكملها من مواقعها في الحلف الأطلسي بأوربا إلى الجزائر وتزويد الجيش الفرنسي بأحدث الأسلحة من حوامات ، وطائرات متعددة المهام وبوارج حربية ، وتخصيص ميزانية ضخمة للمجهود الحربي . وزادت على هذه الإجراءات نقل قواتها المتمركزة في كل من تونس والمغرب إلى داخل الجزائر مع تقوية الوجود العسكري من خلال تكوين ميليشيات مسلحة تحت تسميات مختلفة كالدفاع الذاتي ، والحركة، والاعتماد على القوة الثالثة وتفنن الجيش الفرنسي في تسليط شتى أنواع التعذيب والتقتيل وتدمير القرى والمشاتل على ساكنيها..
كما حاول عزل الثورة داخليا بإقامة المحتشدات والتجمعات والمعتقلات والمناطق المحرمة، وخارجيا ببناء خطي شال وموريس. .
وقد بلغ حجم الجيش الفرنسي بالجزائر في أواخر 1960 ما يقارب المليون جندي دون أن تستطيع فرنسا إخماد لهيب الثورة التحريرية.
موقف الأحزاب الجزائرية من الثورة التحريرية1
بعد اندلاع الثورة التحريرية في أول نوفمبر 1954 وإعلان ميلاد جبهة التحرير الوطني ممثلا شرعيا ووحيدا لكفاح الشعب الجزائري وفق ما جاء في

بيان أول نوفمبر، اختلفت مواقف الأحزاب الجزائرية القائمة آنذاك بين مؤيد ومعارض ومتحفظ

موقف المركزيين

عشية اندلاع الثورة التحريرية اعتبر المركزيون أن العمل الذي أقدمت عليه جبهة التحرير الوطني مغامرة تجهل نتائجها، ولذا تحفظوا كثيرا من اتخاذ موقف في بداية الأمر. خاصة بعد إقدام السلطات الفرنسية في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر على حل حزب حركة إنتصار الحريات الديمقراطية واعتقال العديد من مناضلي الحزب، منهم بن يوسف بن خدة وعبد الرحمان كيوان وأحمد بودا. وكان لاتصالهم بعبان رمضان بعد إطلاق سراحهم في مارس 1955، دور كبير في التعجيل بالتحاقهم بالثورة التحريرية. وكان ذلك بمثابة الإعلان الرسمي عن نهاية التيار المركزي والإعتراف بجبهة التحرير الوطني اطارا وحيدا للعمل الثوري.

موقف الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري

عند اندلاع الثورة التحريرية، اعتبر زعيم الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري السيد فرحات عباس، ذلك العمل "فوضويا وتصرفا يائسا" غير مضمون العواقب؛ وراهن على تحقيق طموحات حزبه من خلال تطبيق قانون الجزائر الفرنسي لعام 1947 من طرف حكومة منديس فرانس.
غير أن لجوء السلطات الإستعمارية إلى تزوير انتخابات المقاطعات في أفريل 1955 لقطع الطريق أمام مرشحي حزبه ، واللقاء الذي جمع فرحات عباس بالسيدين أوعمران وعبان رمضان، إلى جانب نجاح هجومات 20 أوت 1955؛ دفعت بفرحات عباس إلى إصدار بيان إلى المنتخبين التابعين لحزبه يدعوهم فيه إلى الإنسحاب من كل المجالس الفرنسية. وتبع ذلك التصريح إستقالات جماعية لنواب الحزب، إلى أن تم الإعلان رسميا عن الالتحاق الجماعي لقادة ومناضلي الحزب بالثورة في سويسرا في 30 جانفي 1956 . ووصل فرحات عباس يوم 25 أفريل 1956 إلى القاهرة حيث عقد ندوة صحفية أعلن فيها عن الحل الرسمي للاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري وانضمامه إلى جبهة التحرير الوطني .

موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

لم يتحدد موقف جمعية العلماء المسلمين من الثورة، عند اندلاعها، بصفة رسمية وعلنية رغم دفاعها المستميت عن مقومات الشعب الجزائري منذ تأسيسها عام 1931 .لقد اتسم موقفها في البداية بالتردد والتذبذب، وانقسمت إلى تيارين:
كان يرى أنصار التيار الأول، أن مفجري الثورة يفتقدون للجدية في مطالبهم، ودعا هذا التيار السلطات الفرنسية إلى التعجيل بالإصلاحات الشاملة المبنية على العدالة والمساواة واحترام مقومات الشعب الجزائري .
أما التيار الثاني فقد أعلن عن مساندته للثورة، داعيا الشعب الجزائري إلى تلبية نداء جبهة التحرير الوطني . ووجه هذا التيار بيانا بهذا الصدد وقعه حوالي 300 معلم من معلمي الجمعية. و كان الشيخ العربي التبسي من أبرز المنتخبين للثورة ومثله أيضا بيان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذي وقعه الشيخ البشير الإبراهيمي في القاهرة بتاريخ 14 نوفمبر 1954والذي دعا فيه إلى الالتفاف حول الثورة.
ومع مطلع عام 1956 شرع الشيخ العربي التبسي الذي كان من أبرز المتحمسين للثورة، في إجراء اتصالات مع جبهة التحرير الوطني ؛ وفي 12 فبراير 1956 تم الإعلان الرسمي عن مساندة جمعية العلماء الجزائريين للثورة والتحاق مناصريها بجبهة التحرير الوطني

موقف الحزب الشيوعي الجزائري

على خلاف الأحزاب السابقة ، أعلن الحزب الشيوعي الجزائري، المرتبط بالحزب الشيوعي الفرنسي، معارضته للثورة منذ اندلاعها وأظهر موقفا سلبيا منها ، حيث أصدر بيانا في 02 نوفمبر 1954 أعلن فيه المكتب السياسي للحزب إدانته للثورة ورفضه الالتحاق بها. وحاول الحزب الشيوعي الجزائري كذلك أن يظهر للشعب أنه حريص على مصلحة الوطن .
وعلى الرغم من الانتصارات التي حققتها الثورة في الداخل والخارج، إلا أن الحزب الشيوعي الجزائري بقي معارضا لها ومشككا في مباديء جبهة التحرير الوطني. وقد حاول تحريض الطبقات الكادحة من الشعب الجزائري على مقاطعتها ومناهضتها.
كما سعى من جهة ثانية إلى تكوين قوة مسلحة موازية تحت اسم '' المحاربون من أجل الحرية ''، لكن التجربة فشلت في المهد . وبذلك وضع الشيوعيون الجزائريون نهاية لنضالهم الوطني

موقف المصاليين

أما المصاليون، فإنهم أعلنوا صراحة رفضهم للثورة التحريرية منذ بدايتها ، إذ ناصبوا الاعداء لجبهة وجيش التحرير الوطني. وأسسوا على إثر حل حركة انتصار الحريات الديمقراطية، حزبا جديدا أسموه "الحركة الوطنية الجزائرية"MNA في 22 ديسمبر 1954، ليصبح تنظيما سياسيا وعسكريا معاديا لجبهة وجيش التحرير الوطني ، ضد مناضلي جبهة التحرير الوطني في المدن والقرى كذا كتائب جيش التحرير . وعملوا على زرع البلبلة في صفوف الشعب مستهدفين فصل الجماهير عن الثورة
أما في أوروبا، فقد عمل المصاليون على تضليل المناضلين المهاجرين بادعائهم أن الثورة من تنظيمهم ، غير أن ثقة المهاجرين الجزائريين بجبهة التحرير كانت أقوى من أن يضلل بهم ، وعاد النصر للجبهة في فرنسا والبلدان الأخرى بعد أن قضت على تنظيمات حركة مصالي وأنصاره .
وعانت المناطق الثالثة والرابعة والسادسة من الأعمال الإجرامية للمصاليين بقيادة العميل محمد بلونيس. وعلى صعيد المعارك فقد حدثت مواجهات عسكرية مسلحة في عدة مناطق من الوطن بين جيش التحرير الوطني والحركة المصالية أهم هذه المواجهات حادثة ملوزة ببني يلمان ، وبذلك وضع المصاليون أنفسهم في خانة المعارضين للثورة
الحركات المناقضة للثورة
لم تواجه ثورة التحرير الوطني خلال سبع سنوات القوات الفرنسية فقط ، بل واجهت العديد من الحركات المسلحة المنظمة والأشخاص المتمردين ، فإلى جانب القوات الفرنسية التي وصلت إلى 500 ألف عسكري و المدججة بأحدث أنواع الأسلحة (طائرات ، دبابات …) واستخدام الأسلحة المحرمة ، جابهت وحدات جيش التحرير الوطني 30 ألف من قوات الحركة والقومية ، المسلحين من طرف القوات الفرنسية و 8000 من عناصر الدفاع الذاتي والمستوطنين المسلحين والمرتزقة.
كما جابهت وحدات جيش التحرير الوطني قوات الحركة الوطنية الجزائرية المشكلة من المصاليين بقيادة : محمد بلونيس، واصطدمت أيضا مع بعض الخونة المتحالفين مع السلطة الفرنسية من أمثال : شريف بن السعيدي ، والجيلالي عبد القادر

التسليح في الثورة

يعتبر موضوع التسليح من أهم ركائز الثورة الجزائرية وهو عمادها ولذلك كان موضع اهتمام قادة الثورة أعطوا له أهمية بالغة فبالإضافة إلى الدور الذي لعبه الثوار الأوائل في جمع الأسلحة قبل الثورة، فإن الاهتمام الأكبر بعد تفجيرها كان الاعتماد على النفس أولا وفك السلاح من يد العدو أثناء المعارك. كما أن البعثة الجزائرية في العالم العربي لعبت دورا بارزا في جمع السلاح من الدول العربية والأوربية والآسيوية بمختلف الطرق والوسائل وإرسالها إلى الجزائر .
وبالإضافة إلى ذلك فإن قادة الثورة اهتموا كثيرا لهذا الموضوع الإستراتيجي وانشأوا له وزارة خاصة به أخذت اسم وزارة التسليح والعلاقات العامة بهيكل منظمة قامت بدور فعال في تسليح الثورة
اعتماد جيش التحرير على تسليح نفسه في المعارك
انطلقت الثورة في نوفمبر 54 معتمدة على أسلحة حربية قديمة وكان أغلب المجاهدين مسلحين بأسلحة صيد وهو أمر جعل المجاهدين يبذلون جهدا مضنيا في الحصول على الأسلحة من العدو نفسه أثناء المعارك والكمائن والهجمات . وهكذا تطور سلاح جيش التحرير وصار يملك أنواعا كثيرة منه مثل (مات 36) و (مات 49) و(عشاري إنجليزي ) ومسدسات رشاش ورشاش 49 وتومسون وبنادق رشاش (نوع برن)(24/29
التسليح عن طريق بعثة الثورة في الخارج
لعبت بعثة الثورة المتمركزة في مصر دورا كبيرا في جلب السلاح إلى الثورة عن طريق البحر ومرورا بقواعد الثورة المتمركزة في ليبيا وتونس . وكان السلاح يجمع بعدة طرق أما عن طريق الإعانات من الدول العربية والإسلامية أو
من الدول الصديقة الآسيوية وخاصة منها الاشتراكية وإما عن طريق المغامرين الأوروبيين . وفي أغلب الأحيان كانت الثورة تشتري الأسلحة بصفة سرية وتدفع بها إلى الثورة
التسليح من الخارج عن طريق البواخر الأجنبية
كانت وزارة التسليح تقوم بتموين الولايات بالأسلحة والعتاد والذخيرة عن طريق قواعدها في تونس والمغرب وليبيا . وعن طريق المرافئ الأسبانية بمدينتي سبته ومليلة . وكانت الثورة في بدايتها تعتمد على مغامرين ألمان و أسبان . وكانت الطرق البرية كثيرا ما تتعرض للتفتيش والحجز . كما أن البحر كان كله محاصرا خاصة لما تعاونت القوات الفرنسية مع الأسطول السادس الأمريكي لتفتيش البواخر ، وتم حجز بواخر عديدة من قبل السلطات الفرنسية
الفرنسي في الثورة التعذيب
التعذيب عبارة عن عملية استنطاق يتعرض لها كل جزائري يشتبه في انتمائه للثورة أو دعمه لها، وتعتمد هذه العملية على عدة أساليب غير إنسانية ولا أخلاقية يندى لها الجبين ، وهدفها هو الضغط على المسجون أو المعتقل وإجباره بوسائل التعذيب الاعتراف بما لديه من معلومات تفيد السلطات الاستعمارية لكشف أسرار الثورة وتحركات المجاهدين وهذه العملية يقوم بها أناس لا شفقة ولا رحمة لهم وكان من أبرزهم السفاحون: أوزاريس، بيجار، سوزيني، وغيرهم إلى جانب الشرطة السرية
" ثكنة أقبو المركزية "

أشكال التعذيب

لقد تفننت السلطات الاستعمارية العسكرية منها والمدنية في العبث بالضحايا من خلال أنواع التعذيب المسلطة على المسجون والتي اعتبرت إبان الثورة أعلى مرحلة وصلت إليها جرائم الاستعمار الفرنسي وبينت الحقد الدفين ضد العرب كما أظهرت الرغبة الجامحة في التقتيل والتنكيل بل حتى التلذذ في تعذيب الجزائريين، هذا التعذيب الذي ميز حقيقة النهج الوحشي المتبع ضد المجاهدين، وقد تفنن جلادو الاستعمار الفرنسي في ممارسته، وهي المهمة التي أوكلت كذلك إلى ضباط الشؤون الأهلية داخل المعتقلات والمحتشدات وفي القرى والأرياف وحتى المدن الجزائرية لم تسلم من هذه الأعمال اللانسانية حيث كانت مراكز التعذيب منتشرة بشكل كبير عبر التراب الوطني

دور المرأة في الثورة

شكلت المرأة عنصرا أساسيا في الثورة التحريرية ،ووقفت إلى جانب الرجل في تحمل المسؤولية تجاه الثورة المباركة وبالتالي كانت المرأة الجزائرية سندا قويا للزوج الأخ و الابن و الأهل الذين حملوا السلاح ضد الاستعمار الفرنسي وقد أبلت بلاء منقطع النظير أظهرت من خلاله أنها النفس الثاني للثورة التحريرية المباركة,.
فلقد لعبت المرأة الجزائرية دورا رياديا من خلال مشاركتها الفعالة في الثورة التحريرية سواء في الأرياف أو المدن على حدّ سواء،وأدت واجبها الوطني إلى جانب أخيها الرجل.
واستطاعت المرأة الريفية أن تكون عنصرا فعالا في كسر الحصار الذي حاول الجيش الاستعماري ضربه على المجاهدين ، فكانت مساهمتها قوية في تقديم الخدمات الكبيرة التي كانت الثورة بأمس الحاجة إليها
إذا كانت المرأة الريفية قد تحملت أعباء الثورة في الجبال و القرى و المداشر فإن المرأة في المدينة هي الأخرى قامت بواجبها الوطني و كانت السند القوي للمجاهدين من فدائيين ومسبلين داخل المدن حيث تكثر أجهزة القمع البوليسي ،وحيث المراقبة المستمرة على كل ما هو متحرك داخل المدن لذا حلّت محلّ أخيها الفدائي في العديد من المهام المعقدة و الخطيرة .
عمل المرأة الجزائرية خلال الثورة
تتوان المرأة الجزائرية في تحمل المسؤولية اتجاه الثورة لذا أخذ نشاط المرأة الجزائرية خلال الثورة عدة أشكال و أنماط من أهمها ما يلي
المناضلات في المنظمة المدينة جبهة التحرير الوطني وهن المناضلات التي أعطيت لهن مسؤوليات في اللجان السياسية و الإدارية وكفدائيات وجامعات أموال
المناضلات العسكريات هن النساء التابعات لجيش التحرير الوطني ولا يشكلن إلا نسبة قليلة جدا ومن مهامهن الأساسية التمريض و العناية و الطبخ.
لقد كانت المرأة في الريف و المدينة على سواء مناضلة ومجاهدة وفدائية ومسبلة لتتنوع بذلك مهامها وهو ما جعل العدو الفرنسي يدرك قيمتها داخل الثورة وفي المجتمع الجزائري فكانت عرضة للعديد من أنواع القمع والتعذيب وقد حددت الإدارية الاستعمارية السجون الخاصة بالمرأة الجزائرية ،حتى تقلل من قيمة الثورة وتضرب التماسك الاجتماعي المبني على المرأة في الصميم إلا أنها لم تتمكن من ذلك فكانت النتيجة سقوط العديد من النساء الجزائريات شهيدات أمثال حسيبة بن بوعلي و مليكة قايد و مريم بوعتورة
إن المسؤوليات الجسام و المهام الكبيرة التي ألقيت على كاهل المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية جعلها تخرج من الأدوار الثانوية لتنتقل إلى الأدوار الأساسية التي كان المجاهدون بأمس الحاجة إليها رغم الصعاب التي واجهتها لكونها امرأة
دور العرب.
لعبت الأمة العربية دورا بارزا في تدعيم القضية الجزائرية من خلال المساندة المادية والمعنوية المتعددة الأوجه ، لدرجة أن المواقف الدولية تجاه الثورة الجزائرية ارتبطت أشد الارتباط بقوة التأييد والمؤازرة من قبل الدول العربية. وهذا ما بينه محمد يزيد في تصريحه عندما قال : " أن نشاطنا في الوطن العربي لم يكن من أجل كسب التدعيم والمساندة لأن ذلك كان تحصيل حاصل . اتصالاتنا مع الإخوة العرب كانت حول كيفية تنسيق إيصال التدعيم المالي والعسكري إلى الجزائر والعمل دوليا لكسب المساندة المادية والمعنوية للقضية الجزائرية ".والمتتبع للمواقف العربية من التطورات التي عرفتها الجزائر يجد أن الحضور العربي لم يكن غائبا أبدا ، رغم أن الكثير من البلاد العربية كانت خاضعة للسيطرة الأجنبية

مظاهر الدعم العربي

تنوعت مظاهر الدعم العربي ، بين دعم مالي من خلال التبرعات الشعبية والهبات الحكومية لتغطية احتياجات الثورة المختلفة ،ودعم عسكري بإرسال الأسلحة والذخيرة وهناك أيضا الدعم الطبي المتمثل في الأدوية وإسعاف المجاهدين الجزائريين الجرحى في المستشفيات العربية ، وفي الأخير هناك المتطوعون العرب الذين شاركوا جيش التحرير في كثير من المعارك العسكرية داخل الأراضي الجزائرية . ومن الأوجه الأخرى للدعم والتضامن العربي لكفاح الشعب الجزائري ما قدمته الحكومات العربية من تسهيلات للطلبة الجزائريين لمواصلة دراستهم في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها ، وبالفعل تخرجت دفعات من الطلبة في مختلف التخصصات العلمية كانت رافدا قويا للثورة ، من خلال ما قدمه هؤلاء الطلبة من تضحيات في العمل المسلح والتعريف بقضية بلادهم في الخارج .وحتى الاستفادة من خبرتهم في وضع أسس الدولة الجزائرية المستقلة.

الدور المصري

ومن مظاهر الدعم العربي للثورة الجزائرية، الدور السياسي والدبلوماسي الذي لعبته مصر في تدعيم مشاركة وفد جبهة التحرير الوطني في فعاليات مؤتمر باندونغ عام 1955. وقد مكن الموقف المصري هذا من تحقيق الثورة ، لعدة مكاسب يمكن حصرها في تدويل القضية الجزائرية في المحافل الدولية والتزام المؤتمرين بتقديم المساعدة المادية للثورة الجزائرية والتأكيد على شرعية وعدالة المطالب الجزائرية . وقد تعرضت مصر من جراء مواقفها المبدئية المساندة للثورة الجزائرية على كافة المستويات لعدة أخطار من طرف القوى الإمبريالية التي رأت في التعاون والتنسيق المصري الجزائري تهديدا لمصالحها في المنطقة العربية. فراحت تمارس عليها الضغوط والتهديد، وكان العدوان الثلاثي عام 1956 إشارة واضحة من قبل هذه القوى للحكومة المصرية لوضع حد لدعمها لجبهة التحرير الوطني. ولم تكن مصر البلد العربي الوحيد الذي تعرض للتهديدات،فهناك أيضا تونس والمغرب وليبيا فرغم الظروف الحرجة التي كانت عليها هذه الدول فقد سارعت حكوماتها وشعوبها في توفير الرعاية وحفاوة الاستقبال على المستوى الشعبي والرسمي،لكل الجزائريين الذين أقاموا على أراضيها

الاسمبريد إلكترونيرسالة