بحث حول عبد القادر العمودي -->
U3F1ZWV6ZTQ0NDk0NjAzMzJfQWN0aXZhdGlvbjUwNDA2MjUwMDM3
recent
مواضيع مهمة

بحث حول عبد القادر العمودي

بحث حول عبد القادر العمودي


بحث حول عبد القادر العمودي
بحث حول عبد القادر العمودي


نشأته وشبابه:

ولد عبد القادر العمودي خلال سنة 1925 بوادي سوف وبها نشأ وترعرع وتلقى تعليمه الأول حيث بدأ بتعلم القرآن الكريم بالجامع (الكُتاب) على يد الشيخين "سي زلاسي" و "زريبط لمين"، وعاش عبد القادر حادثة أثرت في نفسيته كثيرا حيث حضر وهو صغير عملية اقتحام الكتاب من قبل السلطات الإستعمارية وأخذ الأطفال عنوة إلى المدرسة الفرنسية لتعلم لغة المستعمر.

وكان أهالي وادي سُوف يعتبرون تعلم اللغة الفرنسية ضربًا من الكفر. بعدها التحق العمودي بالمدرسة الإبتدائية الوحيدة بالوادي والتي كانت لا تضم إلا ثلاثة أقسام، وبها زاول مشواره التعليمي إلى غاية الحصول على الشهادة الإبتدائية خلال الموسم الدراسي 1937-1938 وكان الحصول على هذه الشهادة يعتبر حدثا في حد ذاته، ويمثل أعلى ما يمكن الوصول إليه بالمنطقة.
بعد ذلك إنتقل إلى مدينة بسكرة لمواصلة التحصيل العلمي رفقة جده المسن الذي تكفل برعايته. ومن الطلبة الذين درسوا معه في نفس القسم "محمد العربي بن مهيدي".
عند اندلاع الحرب العالمية الثانية في 1939 تشتت المعلمون الفرنسيون من جهة ومن جهة ثانية أصبحت الحياة صعبة من جراء الحرب ولم يعد في استطاعة الوالد تمويل دراسة الابن مما اضطره إلى العودة لمسقط رأسه بالوادي.
وبعد مدة من البطالة عمل في ثكنة عسكرية بالمنطقة حيث اشتغل بالأعمال الكتابية ( الإدارة ). وقد مكنته وظيفته هذه من ملاحظة الفروق الكبيرة الموجودة بين حياة الفرنسيين مقارنة مع معيشة الجزائريين خاصة تحت النظام العسكري المطبق على المناطق الصحراوية .
ومما اثر في نفس عبد القادر الطفل ثم الشاب هو منظر الأهالي وهم يؤدون التحية وقوفا عند مرور الحاكم العسكري الفرنسي ولو كانوا شيوخا مسنين، وحتى العاجز منهم عن الوقوف فكان يضطر إلى أداء التحية العسكرية وهو جالس، وهذا ما جعله يتساءل عن مصيره مستقبلا وهل خلق حقا ليكون تحت " النعل" الإستعماري.
ويتذكر العمودي أن أعضاء جمعية العلماء المسلمين قد حضروا إلى وادي سوف في سنة 1937 بدعوة من "الشريف عبد العزيز" لكن الإستعمار اختلق المكائد واعتقل هذا الأخير ويذكر أيضا مظاهرات 1938 بالوادي رغم عدم مشاركته فيها.

انضمامه إلى حزب الشعب الجزائري:

بعد 1943 وفي أتون الحرب العالمية، وقعت نهضة في منطقة الوادي على غرار كامل الجزائر لأن حزب الشعب الجزائري بذل مجهودات كبيرة لتنظيم الصفوف بعد عودة "مصالي الحاج" . وأول خلية للحزب تكونت بالوادي في أواخر سنة 1943 وكانت تضم أساسا : "عبد القادر العمودي" ، "ونيسي الهاشمي" "أحمد ميلودي" ، "قدادرة الشافعي" و "ميهي بن الحاج" ، وصارت هذه الخلية تنشط بما يقتضيه النضال الحزبي كانخراط المناضلين الجدد وجمع الاشتراكات. ومن خلال حزب الشعب بدأ الكفاح الجدي من أجل الاستقلال وهي الفكرة التي نادى بها "مصالي الحاج" باعتبارها الحل الوحيد خاصة مع المجازر التي ارتكبها المستعمر في 8 ماي 1945 في حق شعب اعزل مسالم، وكان من الحتمي أن تؤمن أغلبية الشعب بأن الطريق نحو الخروج من حالة العبودية يمر حتما بالكفاح المسلح حتى الاستقلال أو الشهادة.

في 1946 بدأت الأحزاب تنظم شؤونها وتعقد مؤتمراتها وأثناء ذلك عاد العمودي إلى الوادي ومن خلال حركة أحباب البيان والحركة الوطنية صار على اتصال مع "العربي بن مهيدي" الموجود ببسكرة حيث صارا يلتقيان أثناء الإجتماعات الجهوية ويتجاذبان أطراف الحديث عن المستقبل.

انضمامه إلى المنظمة السرية L’os:

وكان حزب الشعب منطقيا في طروحاته حيث أدرك أن النضال السياسي والكلام أصبحا غير كافيين لتجسيد فكرة الاستقلال، ولهذا تمخض مؤتمر سنة 1947 عن تكوين المنظمة السرية L’os التي تعبر تطورا عاديا لسير الأمور ومرحلة تحضيرية حتمية للثورة، وكان "عبد القادر العمودي" أحد مسؤولي المنظمة بقسنطينة مع "محمد بوضياف" ، "محمد العربي بن مهيدي" و "ديدوش مراد" . وشرعت قيادة المنظمة السرية في عملية تدريب مناضليها تدريبا عسكريا بعد أن تم اختيارهم حسب شروط معينة، فكان هؤلاء يتدربون على السلاح أسبوعيا وإتقان حرب العصابات ونصب الكمائن وتنظيم منطقة العمليات وكل ما تتطلبه استراتيجية حرب العصابات وذلك بالخروج إلى المناطق الغابية للتدريب. كما تدرب العمودي وزملاؤه في المنظمة السرية على إطلاق النار بالذخيرة الحية.
وقد تكفلت المنظمة السرية بشراء الأسلحة بأموال الحزب، وكان أهالي وادي سُوف يتوفرون على الكثير من الأسلحة من نوع "ستاتي" الإيطالية خاصة وهي من مخلفات الحرب العالمية الثانية ودخلت من ليبيا، وتقرر شراء نوعين من الأسلحة:

شراء سلاح لتدريب المناضلين.

وبعد تسليم "محمد بلوزداد" الأموال إلى "محمد عصامي" لشراء الأسلحة كلف هذا الأخير المناضلين "أحمد ميلودي" و "محمد بلحاج" بالمهمة وتوجه هذا الأخير إلى ليبيا وجلب الأسلحة على قافلة من الجمال وخزنت في مزرعة "عدوكة بلقاسم" . بعد ذلك تلقى "عبد القادر العمودي" بصفته مسؤولا على الأمر من المنظمة السرية بإيصال الأسلحة إلى زريبة حامد الواقعة بالقرب من سفوح جبال الأوراس،وقد تم الترتيب لقافلة السلاح المتمثلة في حمولة سبعة جمال التي وصلت سالمة إلى زريبة حامد.
وبصفته مسؤولا عن المنطقة أعطى "عبد القادر العمودي" أمرا لسي "مصطفى بن بولعيد" بتدبر أمر نقل تلك الأسلحة إلى الأوراس وهذا ما تم بالفعل.

ونظرا لكون عناصر المنظمة السرية هم مناضلون في الحزب فقد كانوا منضبطين وينتظرون تلقي الأوامر للشروع في العمل المسلح لأنهم تلقوا التدريبات اللازمة ولديهم السلاح والإرادة لذلك. 
غير أن هذه الأوامر لم تأت أبدا إلى أن تم اكتشاف المنظمة السرية في مارس 1950 وألقي القبض على الكثير من مناضليها ومسؤوليها. وبعد فترة كافية لاستعادة الأنفاس عاود مناضلو المنظمة السرية الإتصال ببعضهم خاصة بعد أن انشق الحزب إلى مصاليين ومركزيين. وبما أن "عبد القادر العمودي" لم يكن مطلوبا من قبل السلطات الإستعمارية فقد أمكنه التنقل والتحرك بحرية كلما استدعت الضرورة ذلك ، مثلما هو الحال عندما أشرف العمودي على ترتيب زيارتين قام بهما "العربي بن مهيدي" إلى أهله في الفترة الممتدة من 1950 إلى 1954 . وخلال هذه الفترة تعددت نشاطات العمودي وتنقله بين الجزائر، بسكرة، سطيف وغيرها من مناطق الوطن لربط الإتصال.

وبعد لقاءات واجتماعات ثنائية وغيرها تم الإتفاق على عقد اجتماع مجموعة الـ 22 في جوان 1954 ، و العدد لم يكن محددا مسبقا وإنما فرضته الظروف آنذاك حيث أن العديد من الشخصيات الوطنية رفضت تلبية الدعوة وعلى رأس هؤلاء "مصالي الحاج" الذي تم الإتصال به عدة مرات ليتبنى مشروع الثورة ولكنه رفض ذلك بحجة أن الوقت لم يحن بعد. 

وفي دار دريش اجتمعت المجموعة التي كانت تنتمي إلى المنظمة السرية ما عدا "عثمان بلوزداد" فهو من الجناح السياسي، واتخذت القرار الذي طال انتظاره وهو الإعداد الفعلي لتفجير الثورة في أجل لا يتعدى الـ 6 أشهر حتى لا تلقى نفس مصير المنظمة السرية وأثناء الاجتماع علم الجميع بأن "كريم بلقاسم" و "أوعمران" يؤيدان العملية.
 كما تم في نفس اليوم تكليف "محمد بوضياف" باختيار مجموعة من 4 أو 5 مناضلين من ضمن الـ 22 لتحديد يوم تفجير الثورة. وقد تم اختيار "محمد بوضياف" لأنه معروف لدى كل المناضلين الموجودين بالإجتماع بعد ذلك اجتمعت لجنة الستة في " لابوانت" في بيت المناضل "مراد بوقشورة" لدراسة بعض القضايا وتوزيع المهام، وكان من الطبيعي أن يكلف "كريم بلقاسم" بمنطقة القبائل و "مصطفى بن بولعيد" بمنطقة الأوراس. في هذه الفترة تم عقد اجتماع في بسكرة حضره "محمد بوضياف"، "عبد القادر العمودي" و "محمد بلحاج" حيث كلف هذا الأخير بتشكيل خلية بالوادي لتفجير الثورة واستقبال السلاح وتوجيهه للداخل عبر شبكة تم تحضيرها.
وفي 24 أكتوبر 1954 عقدت لجنة الستة آخر اجتماع لها في منزل "مراد بوقشورة" في " بوانت بيسكاد " ومن جملة ما تم الإتفاق عليه هو تاريخ تفجير الثورة و تبليغ ذلك للمناضلين.

واصل المجاهد الكفاح حتى تحرير الجزائر و نيل الاستقلال وقد واصل العمودي نضاله السياسي في الجزائر العاصمة وعمل في مجال التموين وكان على اتصال بالولايتين السادسة والثالثة. وواصل نشاطه على هذا المنوال إلى غاية وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 حيث شاهد الأعلام الوطنية ترفرف على شرفات وأزقة العاصمة وعاش أفراح الشعب الجزائري باسترجاع سيادته الوطنية يوم 05 جويلية 1962 .
عبد القادر العمودي هو العضو الوحيد من اعضاء 22 الذي لايزال على قيد الحياة وقد أدى واجبه الانتخابي يوم 21.12.2019 على حسب ما نشرته صحيفة " الجزائر الآن".
اطال الله في عمره 

الاسمبريد إلكترونيرسالة